Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
المغرب الملكي
28 octobre 2005

خبايا غضب القصر من رجال الأعمال

الدولة تؤاخذ على رجال الأعمال تقاعسهم عن الاستثمار وهم يؤاخذونها على غياب المحاور لما وصل الى أسماع الملك الراحل أخبار انتقاد رجال الأعمال في الدارالبيضاء جمع المقربين منه، وأعلن عن بداية حملة التطهير، ولما انتهت بقطع الرؤوس الكبيرة قال: فليتعلموا الآن نتيجة عض اليد التي مدت لهم يد المساعدة… إنها حكاية ترسم نوع العلاقة الرابطة بين سلطة المال وسلطة القصر، واليوم تعاد نفس الحكاية بإخراج جديد

27547382القصر غاضب على رجال المال والأعمال، هذا ما تقوله الأخبار المتسربة من الحلقات الضيقة لصناعة القرار وكواليس الصراعات التي لا يظهر منها إلا مقدار ما يظهر من جبال الثلج العائمة.
لقد اعتبر الملك محمد السادس -يقول مصدر حكومي جد مطلع- أن رجال الأعمال لم يتجاوبوا مع مشاريع التنمية، ولم يخرجوا من انتظاريتهم القاتلة، ولم يتخلوا عن عقليات الريع القديمة….
كيف تطور هذا الموقف لهذه الدرجة؟ لقد بعث الملك محمد السادس أكثر من إشارة الى أصحاب ربطات العنق والسيجار، مرة في خطاب العرش قبل سنتين، وأخرى في خطاب الجرف الأصفر، حيث دعا الرأسمال الوطني للانخراط في أوراش التنمية والإقبال على الاستثمار وقبول المخاطرة كل هذا تحت عنوان المقاولة المواطنة.
شيء من هذا لم يقع -تقول المصادر نفسها- وأكثر من هذا عمد الملك الى التخلي عن وزير أول حزبي لفائدة وزير أول تكنوقراطي من أوساط رجال الأعمال، هو إدريس جطو ليطمئن هواجس >البورجوازية< المغربية وليدفعها لاستثمار أموالها في مناخ اقتصادي جديد طابعه المخاطرة وخلق فرص شغل جديدة واحترام القانون.
لم تكف كل هذه الإشارات لتدفع بأصحاب النفوذ المالي الى الإقبال على الانخراط في مشاريع كبرى، مثل مشروع تهيئة واد أبورقراق أو الميناء المتوسطي في طنجة أو المبادرة الوطنية للتنمية، مما اضطر الملك الى السفر الى الإمارات العربية المتحدة رغم فتور العلاقة الناجم عن امتناعه عن السفر للإمارات لتقديم التعازي في وفاة الشيخ زايد، فحل الملك بدبي وأقنع حاكمها الشيخ راشد آل مكتوم بالدخول في مشروع تهيئة أبو رقراق البالغة تكلفته أكثر من مليارين من الدولارات.
يقول مسؤول في صندوق الإيداع والتدبير إن رجال الأعمال المغاربة كان تجاوبهم جد ضعيف مع هذا المشروع رغم أن الدولة هيأت كل الظروف لنجاحه، وهو ما اضطر الدولة للبحث عن المستثمر العربي.
بالإضافة الى هذا الفتور في تجاوب الرأسمال المغربي مع مبادرات الحكومة والقصر، توصل هذا الأخير بعدة تقارير وطنية ودولية عن عمليات كبرى لإخراج رؤوس الأموال الى الخارج، وهي العمليات التي أثرت على الاقتصاد الوطني، وتزرع الشك في نفوس المستثمر الأجنبي الذي يعاين هروب الراساميل الوطنية، فكيف يقبل هو بالمخاطرة في بيئة اقتصادية يهرب أبناؤها من الاستثمار فيها؟
t_Sكل هذا في كفة والعمل على انتقاد الأوساط المحيطة بالقصر وتحميلها مسؤولية تكبيل يد الوزير الأول إدريس جطو في كفة أخرى. لقد اعتبرت تصريحات الشامي التي تحدثت عن إعاقة تحرك جطو، وعدم تركه يمارس صلاحياته المخولة له دستوريا، بمثابة رسالة من رجل الأعمال إدريس جطو الذي دفع أصدقاءه لقول ما يخشى هو قوله. وخلف تصريح الشامي بأن الوزير الأول لا يستطيع تعيين مدير مسؤول، إشارة الى عجز جطو عن إقالة ابن سودة مدير الضرائب الذي اشتكى منه رجال الأعمال الى إدريس جطو، لأنه بعث رسائل الى المقاولات يطالب فيها بأداء ما بذمتها من ضرائب تعد بمئات المليارات.
إنه صراع خفي بين السلطة والمال الذي اعتاد على أسلوب خاص في التعامل مع الدولة. رجال الأعمال من جانبهم يقولون إن الدولة لم تعد محاورا لهم، وأنهم باتوا لا يعرفون مع من يتحدثوا أو يخاطبوا، ويترحمون على الملك الراحل لأنه كان دائم الاستماع إليهم، وفي كل مرة كان يحس أن سوء فهم حصل بين الطرفين كان يبعث برجاله المقربين إليهم. وإضافة الى غياب المحاور، يشتكي رجال الأعمال من ارتفاع ثمن الطاقة ومن كثرة الإضرابات، ومن عدم القدرة على تسويق منتوجاتهم.
أما المسيوسون منهم فإنهم يذهبون أبعد لرسم علامات استفهام كبرى على مستقبل الاستقرار في البلد، فهم يرون أن مستوى تحكم الدولة في المجتمع قد ضعف، وأن الوضع الأمني هش الى أقصى حد، وأن مناخ حرية التعبير في الجرائد والمظاهرات في الشارع يبعث على القلق في وسط فقير وغير مؤطر سياسيا.

من جهة أخرى، يرجع بعض رجال الأعمال الذين سألناهم عن رأيهم في أسباب توتر علاقة الدولة بأصحاب المال الى أن الكثير من رجال الأعمال الذين كانوا مقربين من الحسن الثاني بات غير مرغوب فيهم، وأن هناك إرادة وسط العهد الجديد لإحداث >انقلاب< مالي اقتصادي في خارطة رجال الأعمال، انقلاب يقوده منير الماجدي وطبقة رجال الأعمال الجدد الذين أصبحوا يمثلون >المخزن الاقتصادي الجديد<. زيادة على هذا، هناك توسع ملحوظ الثروة الملكية ولنشاطها الاقتصادي في المغرب، فمؤسسة أونا أصبحت أكثر شراسة من قبل اتجاه منافسيها، وأبلغ مثال على هذا هو عملية إضعاف الملياردير عثمان بن جلون قبل سنتين. وكيف أن الدولة نزلت بكل ثقلها من أجل إضعاف نفوذه في سوق التأمينات والأبناك، بعدما لم تستطع شركة أونا منافسته في السوق.
في كلا الرأيين شيء من الحقيقة، أما الصورة العامة، فإنها تقول إن الدولة لم تؤسس بعد قواعد لعب واضحة وشفافة، وأن علاقتها بالمال ما زالت تحتاج الى الكثير من الوضوح ومن العمل في ضوء القانون وفوق الطاولة وليس تحتها.
وهذا ما فهمه الشامي جيدا عندما تراجع عن تصريحاته الأولى وقال: إن كلامي نداء استغاثة للقصر، وزاد على كل هذا وقال: >أنا أقول دائما إنني مع ملكية دستورية تنفيذية< إنه رجل أعمال المفروض أنه ليبرالي يدافع عن الحرية وعن المبادرة الفردية وقانون السوق تحول الى متشبث بنوع من الملكية التنفيذية تشبه الملكيات الفيودالية للقرون الوسطى. إن جزءا من رجال الأعمال يعرفون حاجة الدولة الى السلطة المطلقة، وهي لهذا الهدف مستعدة للتعايش مع أقبح وجوه الريع الاقتصادي، ومستعدة لتحمل تكلفة للاستقرار الاجتماعي فقط من أجل السلطة.
فما لم يصر إلى صياغة مشروعية الملكية على أساس تمثيل كل المواطنين، وليس فقط لإرضاء اللوبيات، وما دام رجال الأعمال لا يدافعون عن حرية السوق كما يدافعون عن حرية الفرد وحرية التعبير وحرية الاختيار… فإن قانون المد والجزر هو الذي سيستمر بين حملة للتطهير انتهت وأخرى تلوح في الأفق.

توفيق بوعشرين

Publicité
Commentaires
المغرب الملكي
Publicité
Newsletter
702 abonnés
Derniers commentaires
Publicité