Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
المغرب الملكي
27 septembre 2006

الحسن الثاني في مخيلة المغاربة البسطاء

t_hassan2_peupleحينما يقترن الملك بالشرف، ويكون الملك ملكا وشريفا وأميرا للمؤمنين، فإن جميع نجاحاته وإخفاقاته تجد تبريراتها، ليس فقط داخل مجال السياسة، ولكن أيضا داخل حقل الصلاح والبركة، ومن ثم داخل مجال المتخيل عموما.
لقد رفع الناس، وخصوصا النساء منهم، الملك محمد الخامس الى القمر، لقد رأوه بأم أعينهم، ولا يمكن بتاتا إقناعهم باستحالة الأمر، فبحكم الشروط الاستعمارية، والتي وصلت حد المس بأحد مقدسات المغاربة (ملكهم)، وبحكم تركيب المتخيل لرمزية الملك المقدس والملك الضحية/ البطل من جهة، وجمال الوجه من جهة ثانية، تم هذا الرفع باتجاه القمر (رمز الجمال) وليس نحو مكان آخر. وربما لهذا السبب كان للنساء الغلبة في تأكيد رؤيتهم تلك.
وإذا كان >محمد الخامس بان في الگمرة فإن الحسن الثاني جاب الصحراء<، وهي إحدى المحطات الكبرى التي ستتوج نجاته عدة مرات من محاولات الجنرالات لإنجاز انقلاباتهم. بين إنجازه للمسيرة الخضراء، ونجاته من المحاولات الانقلابية، أنتجت المخيلة الشعبية حكايات متعددة تدور كلها حول طابع الصلاح والبركة المميزتين للملك الراحل (رغم انتهاء بنزين الطائرة التي كانت تقل الملك الراحل، فقد عمل هذا الأخير على مسح صبيب عرق جبينه بمنديله، وعمل على عصره في خزان وقود الطائرة، الى أن حطت بسلام)، مثلما تحيل على كرامات شيوخ الزوايا والصلحاء التي تملأ الفضاءات الرمزية لتاريخ المغرب.
لقد شكلت محطة السبعينيات المجال الزمني الذي سيرسخ داخل المتخيل الشعبي، كرامات الملك الراحل، وسيسمح لها بالتجدد والتناسل في صيغ متعددة.

السكين فيه الحكمة
t_hassan2_148بعد نجاته من المحاولات الانقلابية، لم تخل خطب الحسن الثاني من إثارة متلقيها من عموم الناس، لا يتعلق الأمر بالمضامين أو الصياغة، بل بحركات وسكنات من يلقيها: طريقة الجلوس وحركات اليد والعينين، ومع انتهاء كل خطبة ووقوف الملك تحت ظل النشيد الوطني، كانت عيناه لا تكفان عن الحركة باتجاه اليمين واليسار، ولم يكن لحركات العين تلك من تفسير سوى الإجابة عن سر ما. فحركات الملك المتكررة مع كل خطاب، تتحول الى رمز مستفز، للفضول ومحفز لإنتاج الكلام والخيال.
مع كل خطبة كان الملك يداعب سكينه ويقلبه بين يديه الى أن ينهي خطبته، لدرجة أصبحت معها تلك السكين رمزا للحكمة، بالمعنى الذي تحيل فيه هاته الكلمة داخل المتخيل الشعبي على السر والبركة >الحكمة في السكين<، وما أقوال ومضامين الخطاب سوى حواشي، لا يمكنها أن تمتلك فاعليتها الرمزية والسياسية. في غياب تلك السكين، إنها المفتاح الذي بفضله، وبفضل السر والحكمة الكامنتين فيه، تنكشف الحلول وترتفع الحجب، وتنحل الصعوبات والمشاكل.

الملك كيَْدور متخفًّي
كثيرون هم الذين استطاعوا كشف هوية الملك وهو يجول وسط رعيته، فمنهم من أغمي عليه، وفاتته بسبب ذلك فرصة تقبيل يده، ومنهم من ظل متماسكا واستطاع الفوز برؤيته وجها لوجه. أن تلتقي الملك وهو متخف دون أن يغمى عليك، يعني مباشرة أنك ستنعم بهبة ما، وما عليك إلا أن تكون سريع البديهة في صياغة طلب يمكنك من مغادرة الفقر، والمهنة الوضيعة من دون رجعة، حول لقاء الملك المتخفي والنعم التي جناها أصحاب الحظ، يجد المرء مئات الروايات المتناسلة هنا وهناك. فبائعة الخبز تحولت بعد التعرف عليه الى تاجرة كبيرة، وسائق الطاكسي الصغير الذي استطاع التعرف عليه نعم تارة بالمليون سنتيم، وفي رواية أخرى بطاكسي…
لم يكن الملك الراحل في أعين رعيته سجين قصره، بل إنه يعرف أحوال الرعية مباشرة عبر التجول متخفيا كما كان الصحابة والسلاطين والأوائل يفعلون ذلك، وكما تحكي ذلك روايات ألف ليلة وليلة.
هل كان الملك الراحل يجول فعلا وسط رعيته؟ يكفي أن تطرح هذا السؤال لينطلق عنان الحكايات والوقائع والأسندة التي تثبت ذلك، وتتحرر الرغبات الدفينة لدى الكل في الظفر بلقاء ما.

الملك عندو، سبع لسون
كان الملك يتقن سبع لغات أو ألسن، أو بصيغة أخرى يتحدث جميع لغات الدنيا، والتي ينحصر عددها في سبع، في المتخيل الشعبي. ويعني إتقان الألسن السبع أن معارف ومدارك الملك تعلو ولا يعلى عليها، يكفي أن يكون العدد سباعيا ليتداخل الواقعي مع السحري والميثي والقدسي، ويصبح إثر ذلك مالك الألسن السبع كائنا من البشر ومغايرا لهم في الآن ذاته. فالعدد سبعة لا يحيل في استعمالاته المتخيلة والرمزية على العدد الكمي فقط، بل يتعداه ليحيل على المطلق واللانهائي.
كثير هم صلحاء المغرب الذين كانوا يتحدثون سبعة ألسن على الرغم من كون بعضهم لم يكن يعرف غير الأمازيغية أو العربية، يتعلق الأمر بالإحالة على الموسوعية غير المحدودة في المدارك والمعارف، الأمر الذي ظل الملك الراحل يغذيه ويرسخه في كل حواراته الصحفية، سواء داخل المغرب أو خارجه

.
نورالدين الزاهي عن ارشيف الجريدة الاخرى

Publicité
Commentaires
المغرب الملكي
Publicité
Newsletter
702 abonnés
Derniers commentaires
Publicité