عبدالقادر الحوات: قلت للملك إن القرية في حاجة إلى الكهرباء ونسيت أن أطلب "گريما"
حين حضر الملك إلى "شاطئ الأطفال الضائعين" وقف عبدالقادر الحوات بعد عصر يوم ثاني فبراير 2001 يتأمل بحر شاطئ بريش على المحيط الأطلسي
. كان الجو هادئا ولا أحد في الشاطئ من الصيادين من سكان القرية، ولحظة شاهد ثلاث دراجات كواد قادمة على رمال الشاطئ من جهة الشمال من واد تهدارت في اتجاه أصيلا. لم ينتبه عبدالقادر أن الملك محمد السادس كان واحدا من الأشخاص الذين يسوقون تلك الدراجات، لكن مساء ذلك اليوم من فصل الشتاء الذي تعيش فيه القرية هدوءها تحرس البحر، سينتشر خبر في القرية وسيسري بسرعة كالنار في الهشيم: محمد السادس مر من هنا، الملك هو الذي جاء على >كواد< حتى أوقفته مياه نهر غريفة الذي يفصل قرية بريش عن مدينة أصيلا. تلك ال
ليلة، لا حديث وسط الجيران وسكان القرية التي صورها جيلالي فرحاتي في الفيلم السينمائي "شاطئ الأطفال الضائعين"، سوى عن الملك والزيارة المفاجئة. وشرع الناس البسطاء الذين يسكنون القرية ويعيشون على الهجرة والصيد وزراعة الفول السوداني والبطيخ وبعض الخضروات يتساءلون: هل حقا جاء الملك بالفعل؟ واختلف الناس بين أصحاب نعم وأصحاب لا. نعم جاء
الملك، رأيته بعيني والله العظيم.. لكن ظل هناك من يشك: لا، لم يأت الملك، هذا أمر مستبعد، كيف يأتي محمد السادس الى بريش وحده دون أن نرى الحرس والدرك؟! ووسط هذا الجدال وجد سكان القرية الشاطئية من يقول لهم إن الملك سيعود غدا في اليوم الموالي. في الغد وفي التوقيت نفسه تقريبا، صدقت تنبؤات الرجل الذي قال لهم إن الملك سيعود
. هذه المرة كان بعض جيران عبدالقادر الحوات، الذي يحكي الحكاية، وقفوا ينظرون الى البحر والشاطئ لعل الملك يظهر لهم كما شاعت الشائعة بالأمس.. كان يلبس سروال جينز وقميصا صوفيا ـ يقول عبدالقادر ـ وجاء على >الكواد< يرافقه حارسان شخصيان. انظر ـ يقول الحوات الذي يعمل بحارا ـ من هنا نزلنا عنده، الناس القليلون الذين وقفوا معي احتاروا ماذا يفعلون حينما رأوا الملك. كانت لحظة دهشة كبيرة ممزوجة بالفرح والارتياح والارتباك
. ويضيف: >كنت أول من اقترب منه في الوقت الذي كان الآخرون يصيحون عاش الملك، عاش محمد السادس وبعض النساء يزغردن، قلت له عاش الملك الله ينصرك، الله يحفظك<. ويروي الحوات: تصور يا أخي كيف أن الملك نزع القفاز من كفه حين نزلنا عنده نقبل يده. وبخصوص الطلبات التي يمكن أن يكون البحار طلبها من الملك قال الحوات: "قلت له نحن ناس بسطاء ولنا مشكلة في الماء والكهرباء .. قلت له إن القرية في حاجة الى كهرباء ونسيت أن أطلب >كريمة< أو شيئا آخر مثلما فعل شخصان آخران
". وحين سألنا الحوات عن الوقت الذي قضاه الملك مع سكان بريش، أجاب أن الزمن توقف وكانت لحظة استثنائية. ربما ثلاث دقائق أو خمسة قضاها معنا ثم انصرف. في صيف تلك السنة وصلت شبكة الكهرباء الى القرية
ارشيف الجريدة الاخرى