محمد السادس ملك التضامن
شكلت قيم التضامن والتآزر والتماسك الاجتماعي ثوابت ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس يدعو إليها، ويسهر شخصيا على تحقيقها على أرض الواقع، من خلال مبادرات تضامنية وتكافلية، ومشاريع تنموية، تروم القضاء على الفقر، ومساعدة المحتاجين، والطفولة المحرومة، والنساء في وضعية صعبة، وغيرها من الآفات الاجتماعية، التي تمس شريحة واسعة من المجتمع، ما دعا العديد من المراقبين، وطنيا ودوليا، إلى وصف جلالته باسم "ملك التضامن".
وشكلت هذه الانشغالات علامات ودلائل واضحة على الثقافة الجديدة، التي يكرس جلالة الملك جهوده الحثيثة لزرعها وترسيخها، بين مختلف الشرائح، والتي يأتي الحرص الملكي على السهر على تطبيق هذه السياسة الاجتماعية، إيمانا من جلالته الراسخ بأنه لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة وشرائح واسعة من الشعب المغربي تعيش في ظروف صعبة.
يقول جلالة الملك"شكل العمل الاجتماعي دوما أحد انشغالاتي الرئيسية". وشدد على أن "مؤسسة محمد الخامس للتضامن، التي أترأسها منذ خمس سنوات تقوم بعمل ممتاز فقد عملت دائما ومباشرة سواء عندما كنت وليا للعهد أو حاليا بصفتي ملكا للمغرب على أن تقوم هذه المؤسسة بتحريك الأمور إنها في خدمة المنظمات غير الحكومية، التي نزودها بالوسائل الكفيلة بتنفيذ برامجها".
لكن المؤسسة وحدها لن تستطيع محاربة الفقر والتهميش وغيرهما، إذ حقق المغرب منذ استقلاله تقدما ملحوظا في مختلف الميادين، ويستدرك جلالته قائلا إن هذه التنمية لم تستفد منها كافة شرائح السكان، بحيث أن من بينها من ما زال يعيش في عوز
فهي محرومة من التربية والتكوين ولا تتوفر على أي مصدر للرزق.
وإضافة إلى ذلك فقد أدى التطور الذي شهده المغرب إلى تغيرات اجتماعية مهمة وتحولات على مستوى قيم وسلوكات كل مكونات المجتمع، وخاصة على مستوى العائلة، التي أصبحت دائرتها تضيق. وترتب عن ذلك تفاقم حرمان الأشخاص، الذين كانت وضعيتهم في الأصل هشة، وفي المقام الأول الأطفال والنساء ربات الأسر الفقيرة والمعاقون والأشخاص المسنون وغيرهم.
ويؤكد جلالة الملك أنه"إذا كانت الشبكات الاجتماعية العمومية تعرف إقبالا متزايدا، فإنها ليست كافية لتلبية كل الحاجيات.ومن هنا جاء انخراطي شخصيا لإحداث التغيير الضروري، بحيث لا يظل الأمر مقتصرا على الجهود، التي سبق بذلها من أجل إنعاش الشغل وتنمية الثروات وتسريع وتيرة النمو بالمغرب" .
مما لا شك فيه أن التضامن جزء لا يتجزأ من ثقافتنا، يبرز جلالة الملك، إلا أن هذا التضامن لا يمكنه أن يكون فعالا ما لم يتطور بشكل يأخذ بعين الاعتبار التحولات الاجتماعية إن هذا التضامن يجب أن يكون أقل فردانية، ومحدد الأهداف، ومحكم التنظيم من حيث حيزه الزمني كما ينبغي له أن يفرز أدوات دائمة ومضمونة، وأن يخضع لتدبير شفاف وذي مصداقية، من شأنه تحفيز وتعبئة المواطنين الراغبين في المضي على درب دعم الأعمال التضامنية. ومن أجل الاستجابة لهذه المتطلبات، يقول جلالته »انخرطت شخصيا أولا من أجل المساهمة في تغيير نظرة المغاربة لمواطنيهم الذين ليست لهم إمكانية الاندماج في مسلسل التنمية وفق ما تفرضه القوانين الاقتصادية التي شئنا ذلك أم أبينا تفرز حصتها من المهمشين.
ولا أدل على ذلك مما نراه في البلدان الغنية والمتقدمة وإن أملي ليكمن أيضا في تحفيز المغاربة والمنعشين الاقتصاديين على المزيد من المشاركة في مكافحة الإقصاء، فضلا عن أنني أردت تشجيع الفاعلين الاجتماعيين على تركيز انتباههم على التدبير باعتباره أساس نجاح الاستراتيجية التي نطبقها في هذا المجال". هناك إذن ممارسة اجتماعية بثقافة جديدة تعتمد أساسا على سياسة القرب
يقول جلالة الملك "لا يمكننا أن نلم بالمشاكل الحقيقية للسكان الذين نود مساعدتهم دون الاقتراب منهم وثقافة القرب أساسية لنجاح المشاريع". وزاد جلالته موضحا "وهكذا فإنني لا أتردد أبدا في التوجه شخصيا إلى الأماكن المعنية"، للوقوف على المشاكل، والتأكد من البرامج، وتوفر ظروف نجاحها. ويلخص جلالته محاور معركة التقدم والتنمية وترسيخ ثقافة التضامن بالقول »لقد جعلت من استكمال بناء دولة الحق والقانون وترسيخ الديموقراطية في إطار الملكية الدستورية قوام وغاية مذهبي في الحكم.
ولأن الديموقراطية بناء متواصل وثقافة تتطلب إشاعتها فكرا وممارسة وإعطاءها بعدا اقتصاديا واجتماعيا وإلا ظلت صورية ومهددة في مقوماتها السياسية، فقد آليت على نفسي العمل الميداني على تفعيل التضامن الاجتماعي، من خلال مؤسسة محمد الخامس للتضامن، التي أترأسها شخصيا، وأشرف على أنشطتها الميدانية فعليا، والتي تعد قاطرة لعمل المجتمع المدني في كل مجالات العمل الاجتماعي والإنساني، لفائدة المعوزين، والفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة، لا سيما منهم الطفولة المشردة والنساء، وذلك في ميادين محاربة الأمية والفقر والمساعدة على الدمج الاجتماعي والتنمية".