Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
المغرب الملكي
27 avril 2007

أمير المؤمنين يضع الحجر الأساس لبناء المقر الجديد لدار الحديث الحسنية

أشرف أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس اليوم الجمعة بحي الرياض بالرباط على وضع الحجر الأساس لبناء المقر الجديد لدار الحديث الحسنية, والذي تقدر تكلفة بنائه ب70 مليون درهم

ويأتي هذا المشروع الهام تنفيذا للتعليمات الملكية السامية من أجل إدخال إصلاح جذري وعميق على هذه المؤسسة سواء على مستوى بنايتها الإدارية والتربوية والعلمية, أو في ما يتعلق بالأهداف والمرامي الجديدة التي ينبغي أن تعمل من أجل تحقيقها, وخاصة تكوين أجيال من العلماء القادرين على الاجتهاد وإبراز صورة الإسلام المشرقة.

ويمتد هذا المشروع الهام الذي سيعزز الإشعاع الديني والثقافي على المستوى الجهوي والوطني والعالمي, على مساحة13 ألف و141 مترا مربعا, ويتكون من مدرج وقاعات للدراسة وأخرى مجهزة لتعليم اللغات ومركز للإعلاميات, وخزانة ومسجد ومرافق إدارية وصحية ورياضية

۞ التفاصيل ۞

Publicité
Commentaires
س
المجال الديني بين واقع القصور والتوظيف وآفاق إقامة الدين والتجديد فيه<br /> <br /> (مقال غير موقع من جريدة العدالة والتنمية الجمعة 31 غشت 07)<br /> <br /> لا تخفى حيوية المجال الديني في حياة الأفراد والمجتمعات والدول، وشأنه في ازدياد مع تنامي الصحوة الدينية في العالم، ويشكل عند المسلمين كما عند كثير من الناس محددا وجوديا في السياق الحضاري العام، وفي المغرب مثلا يصعب الحديث عن كينونة البلد وهويته الحضارية والتاريخية بغير حديث عن الإسلام من زمن الفتوحات وإلى أيام الناس اليوم.كما يصعب تجاهل هذا المجال في أي حديث عن المستقبل. فهو للمغاربة كما لغيرهم من المسلمين ركن وركيزة يكون لهم به شأن بصلاحه، وتذهب ريحهم بفساده وخرابه، يستوي في ذلك الحكام والمحكومون ومختلف الفاعلين بغض النظر عن الاختلاف في المقصود من الإصلاح، وكذا دوافع العناية بالمجال من جهة الاختيار أو الاضطرار، جاء في الخطاب الملكي ليوم 08 يوليوز 2005 بمناسبة افتتاح دورة المجلس العلمي الأعلى للمملكة: «...وإذ نؤكد عزمنا على المضي قدما في إصلاح الشأن الديني، الذي قطع خطوات هامة، باعتباره أحد أركان مشروعنا المجتمعي، فإننا ندعوكم وكافة العلماء المستنيرين، رجالا ونساء على حد سواء، إلى النهوض بالمسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتقكم، والانخراط في حركة الإصلاح الشامل الذي نقوده".<br /> فالمجال الديني بطبيعته يمكن أن يكون رافعة قوية للتنمية البشرية، ويساهم بدور حيوي في الاستقرار والأمن، وأي اختلال فيه ينعكس على محيطه بشكل قد يصعب معه الضبط والتنبؤ بمخاطره ومزالقه، وبخصوص بلادنا يبقى مشروعا طرح السؤال حول المنجزات التي عرفها المجال الديني في "العهد الجديد" وحول جوانب القصور في هذا المجال وكذا آفاق العمل وإمكانات التصحيح والمراجعة إذا كان تمة ما يستوجب ذلك ؟<br /> <br /> المنجزات:<br /> لا تخطئ عين الملاحظ والمراقب للمجال الديني الحركية التي مسته أسوة بعدد من المجالات منذ اعتلاء محمد السادس عرش المملكة، بغض النظر عن أي تقييم لتك الحركية أو حكم لها أو عليها. حيث توالت عدد من القرارات والمراسيم همت الجانب الهيكلي للمجال الديني وما يهم الفتوى والمجالس العلمية والرابطة المحمدية للعلماء والعناية بالموارد البشرية والاهتمام بالجانب التعليمي ومحو الأمية والإعلام الديني والمساجد والعناية بالقرآن الكريم والحج والوعظ والإرشاد..<br /> وقد أفصح الخطاب الملكي، ليوم 30 أبريل 2004 أمام العلماء عن فلسفة الهيكلة الجديدة للمجال الديني. حيث وصفها بأنها" إستراتيجية مندمجة وشمولية، متعددة الأبعاد، ثلاثية الأركان، لتأهيل الحقل الديني وتجديده" تبدأ بالركن المؤسسي المتمثل في إعادة هيكلة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ثم الركن "التأطيري الفعال" المتمثل في إعادة هيكلة المجالس العلمية واعتماد سياسة تدبير الشأن الديني عن قرب، وتنظيم أمر الفتوى، وكذا " إصلاح رابطة علماء المغرب" ثم الركن الثالث: المتمثل في التربية الإسلامية السليمة، والتكوين العلمي العصري، وذلك من خلال" تأهيل المدارس العتيقة، وصيانتها وحفظ القرآن الكريم، وتحصينها من كل استغلال أو انحراف يمس بالهوية المغربية، مع توفير مسالك وبرامج للتكوين، تدمج طلبتها في المنظومة التربوية الوطنية، وتجنب الفكر المنغلق، وتشجيع الانفتاح على الثقافات".<br /> <br /> اختصاصات واسعة للوزارة الوصية وبنيات مركزية وخارجية جديدة..:<br /> وهكذا فقد أحال الخطاب على ما تم قبل ذلك حيث صدر على مستوى الهيكلة منذ ديسمبر2003 ظهير شريف يهم هيكلة الوزارة. ويتضمن اختصاصات واسعة وبنيات مركزية وخارجية جديدة..وتم توزيع عمل الوزارة على خمس مديريات همت: مديرية الأوقاف؛ ومديرية الشؤون الإسلامية؛ ومديرية الدراسات والشؤون العامة؛ <br /> و مديرية المساجد؛ ومديرية التعليم العتيق.وإذا أخذنا هذه المديرية مثالا لعمق التجديد والتغيير فسنجدها تشتمل على: قسم للتخطيط والتكوين والذي يتألف بدوره من: مصلحة التخطيط والتوجيه التربوي؛ ومصلحة التكوين؛ ومصلحة الترخيصات. <br /> ثم قسم لبرامج ومناهج التعليم العتيق والذي يتألف من: مصلحة البرامج والمناهج والكتاب المدرسي؛ مصلحة التفتيش والمراقبة؛ مصلحة الامتحانات؛ مصلحة الدعم البيداغوجي. <br /> ثم قسم لتسيير مؤسسات التعليم العتيق والذي يتألف من: مصلحة التعليم الأولي والابتدائي؛ مصلحة التعليم الإعدادي والثانوي؛ مصلحة التعليم النهائي؛ مصلحة الأنشطة الثقافية والاجتماعية. فنكون قريبين جدا من الهيكلة التي يعرفها قطاع التربية الوطنية. وهذا القسم الأخير جاء لينسجم مع القانون المنظم للتعليم العتيق رقم13.01 والذي صدر ظهير 15 ذي القعدة 1422 (29 يناير2002) بتنفيذه. وبعده جاء ظهير 24 غشت 2005 الخاص بإعادة تنظيم مؤسسة دار الحديث الحسنية.<br /> <br /> خطوة معتبرة في العناية بالإعلام الديني:<br /> كما عرف الإعلام الديني تطورا ملحوظا بإعطاء انطلاقة إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم يوم 16 أكتوبر 2004 ، وكذا إعطاء انطلاقة بث قناة محمد السادس للقرآن الكريم بتاريخ 2 نوفمبر 2005 وفي نفس اليوم تم تدشين موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على الانترنت. <br /> وأما عن الجانب الإعلامي بخصوص الوعظ والإرشاد فقد أعطيت يوم الإثنين 22 جمادى الأولى 1427ﻫ موافق 19 يونيو 2006 بمسجد أهل فاس بالمشور السعيد بمدينة الرباط الانطلاقة لبرنامج الوعظ والإرشاد والتكوين بالمساجد عن طريق أجهزة التلفاز بحضور ستمائة (600) إمام يمثلون جميع جهات وأقاليم المملكة. وتتبع العملية مباشرة 38697 إماما بالمساجد الألفين (2000) المجهزة لهذا الغرض. وقصد بالعملية تمكين العلماء – من خلال اتصالهم بأكبر عدد ممكن من المواطنين – من القيام بواجباتهم في مجال الوعظ والإرشاد أحسن قيام، إذ الخصاص هائل حيث لا يتجاوز عدد الوعاظ 747 واعظا كلهم في المدن، ومعظمهم لا يتدخل أكثر من مرتين في الأسبوع. وقصد من العملية أيضا تمكين الوزارة أيضا من تكثيف برامج تكوين وتأهيل القيمين الدينيين، وإرشاد وتوعية الحجاج، والمساهمة في برنامج محو الأمية إلى غير ذلك من المجالات التي ستتيحها هذه الوسيلة. <br /> مقدمات أولية في العناية بالموارد البشرية:<br /> ففي 17 يناير2005 صدر مرسوم وزاري بإحداث تعويضات لفائدة أعضاء المجلس العلمي الأعلى ورؤساء وأعضاء المجالس العلمية المحلية وأعضاء فروعها، وتتمثل في : 10.000 درهم لأعضاء المجلس العلمي الأعلى ورؤساء المجالس العلمية المحلية ؛ و 3.000 درهم لأعضاء المجالس العلمية المحلية ؛ و 1.500 درهم لأعضاء فروع المجالس العلمية المحلية .وحدد مرسوم لاحق تعويضا لرؤساء الشعب بإدارة المجلس العلمي الأعلى تعويضا عن المسؤولية يحدد مقداره الشهري في(1.500) درهم. وأما أعضاء الرابطة المحمدية للعلماء عدا الرئيس فقد حدد لهم ظهير 14 فبراير 2006 تعويضا يقدر ب 3000 درهم.<br /> وفي 3 ماي 2006 صدر مرسوم وزاري ينظم صرف مكافأة للوعاظ العاملين بمختلف أقاليم المملكة. وفق مايلي: - الوعاظ المتجولون: 540 درهم لكل واحد؛ - الوعاظ القارون: 410 درهم في الشهر لكل واحد؛ - الوعاظ خلال شهر رمضان: 270 درهما في الشهر لكل واحد؛ - الوعاظ المتوجهون إلى الخارج خلال شهر رمضان: 4500 درهم لكل واحد؛ - الوعاظ بالأقاليم الصحراوية: 720 درهما في الشهر لكل واحد. <br /> وبخصوص الأئمة الجدد والمكلفون ببعض المهام الدينية فقد صدر في شأنهم مرسوم 27 أبريل 2006 وفق ما يقتضيه التعاقد في إطار قانون الوظيفة العمومية وقانون الشغل وتفاصيل التعويضات والعطل.. <br /> من العفوية والعرف إلى التقنين والتعاقد:<br /> يعتبر دليل الخطباء والوعاظ خطوة متقدمة في إطار التقنين التعاقدي، الذي يضبط العلاقات ويحدد المسؤوليات ويصون وظائف المساجد وحفظ حرمتها ؛ ويضع مرجعا يسهل التعامل بين مختلف الفاعلين الدينيين أو بينهم وبين الجهات الخارجية من سلطة وإعلام وهيئات مختلفة، ويسجل للدليل أيضا توجيه العناية إلى الوظيفة الاجتماعية والثقافية للمساجد.<br /> <br /> اختلالات وملاحظات حول تدبير الشأن الديني:<br /> 1-التجزيئية والانتقائية:<br /> لا يخفى تأثر معظم الفاعلين الرسميين بالمنظور الغربي للدين من خلال التعامل معه كمجال معزول عن باقي مجالات الحياة، مهما حاول ظاهر الخطاب الإيحاء بخلاف ذلك، والحديث عن المقاربة المندمجة والشمولية، في حين يتضح أن المقصد من ذلك هو إعمال ذات المنهجية في مقاربة مجال الدين والتدين كما تتصوره مفصولا عن مجالات بعينها، لا كما هو في حقيقته وجوهره، وذلك من خلال حشره فقط في زاوية الأمن الروحي والسماح بتمدده قليلا في المجال الاجتماعي، مع الصرامة الكاملة في فصله عن المجالات الاقتصادية والتشريعية والسياسية إلا ما كان من اجتماعه مع السياسة في شخص أمير المؤمنين. <br /> 2-آفة التوظيف السياسي للدين:<br /> يرجع بعض الدارسين مسألة التوظيف السياسي للدين في تاريخنا الحديث إلى نماذج من مثل ما فعله المولى سليمان رحمه الله عندما وظف السلفية لمحاصرة تضخم دور الصوفية، ويستحضرون أيضا كيف كان الاستعمار يستعين ببعض الصوفية في تثبيت أركان وجوده، بينما تحالف محمد الخامس رحمه الله مع رموز السلفية التي كانت تشكل الخلفية التربوية والفكرية لمعظم رجال الحركة الوطنية، ومنع في الوقت ذاته تأسيس أي طريقة صوفية إلا بإذه، ولجأ الحسن الثاني رحمه الله إلى تقوية الجانب الديني عموما لمواجهة المد الناصري واليساري إلى حدود 1979. ليركز على السلفية أكثر لمواجهة المد الشيعي الإيراني (حيث بلغ به الأمر إلى تكفير الخميني) واستخدمت جامعة الصحوة حسب تقدير البعض لاستيعاب الخط المعتدل من الحركات الإسلامية، بينما تم الاستمرار في غض الطرف عن التيار السلفي لما كان يشكله بسبب تركيزه على مناهضة البدع ونفوره من التنظيم من تحقيق التوازن مع صعود نجم العدل والإحسان ذات الخلفية الصوفية. وكذا الحركات الإسلامية ذات التنظيمات الحديثة.<br /> وبعد الأحداث الإرهابية على المستوى الدولي والمحلي، وتردد صلة ذلك بشكل أو بآخر مع نمط من التفكير السلفي، سطع نجم الصوفية من جديد في عهد محمد السادس، وخلف أحمد التوفيق المعروف بخلفيته البودشيشة، الدكتور العلوي المدغري أستاذ كلية الشريعة بفاس، واستبشر البعض بذلك، كما جاء في أحد أعداد الاتحاد الاشتراكي:" بإعفاء الفقيه من تدبير الشأن الديني وتعيين المؤرخ والصوفي على رأس مؤسسة الأوقاف والشأن الديني يكون المغرب قد انتقل في تدبير الشأن الديني الى تجربة أخرى من مواصفاتها التدبير الثقافي والفكري الذي يوسع دائرة المباح ويرفع من سقف الحرية واحترام العقل الإنساني دون أن ينقص ذلك من حرارة الإيمان، بدل المنطق الفقهي الذي تنقبض معه دائرة المباح ويتسع التوجس من العقل والحرية، دون أن يزيد ذلك من حرارة الإيمان شيئا"<br /> فظهر وكأن المقصد من السياسة الرسمية ليس هو إقامة الدين على الوجه الصحيح والسليم وإنما مراقبة مجاله عبر تأطيره ومحاصرته بجملة من المؤسسات الدينية، وضبط وتحديد دور العلماء في إطار يهدف أساسا إلى دعم الشرعية الدينية للمؤسسة الملكية. والسعي لاحتكار المجال من خلال احتكار الفتوى، وتأميم رابطة العلماء وتضييق مجال عملها وتدخلها، وتحويلها إلى ما يشبه مكتب دراسات ونادي ندوات ومحاضرات يسمع به الناس في العام مرة أو مرتين أو حتى ثلاث. وأضحى علماء المغرب كما يقول أحد الدارسين "بين نارين، فالسلطة تطالبهم بالدفاع عن شرعية لا مشروطة..، و عموم الأمة تطالبهم بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مهما كانت الظروف"<br /> 3- الاستعجال والصرامة في مجال يحتاج إلى روية وتدرج ومرونة:<br /> ما يطبع تدبير المجال الديني في سنوات "العهد الجديد" من ترسانة متلاحقة من الظهائر والمراسيم والقوانين والقرارات، والعقود والالتزامات، تجعل وتيرة الاستيعاب والتمثل صعبة على الكثيرين، في مجال حكمته أعراف وتقاليد وعادات لعقود طويلة من السنين، الأمر الذي يجعل الإصلاح جسدا يظهر كأنه ينمو ولكن يسير بغير روح. فأن ينتقل بالتعليم العتيق من وضع كاد يموت فيه إلى مبالغة في التقنين والمأسسة وكثرة الشروط في مناهجه والقائمين عليه وبيئته التي استأنس بها من عقود، وحمله على التحديث ومواكبة ما يجري في النظام التربوي النظامي، قد يكون فيه تكليف بما لا يطاق أو حتى "رصاصة رحمة" عوض حقنة مغذية منعشة. <br /> وفي المستوى العالي أن يؤتى دفعة واحدة بجملة من اللغات الميتة والحية من لاتينية ويونانية وعبرية وفرنسية وانجليزية ،وإقحام مناهج غربية وآليات "حداثية" في تحليل وتناول المواد الشرعية، واستقدام نصارى للتدريس وأمريكي لوضع المناهج وعلمانيين للتأطير والتثقيف..كل ذلك يربك السيرورة ويحدث زلزال في النفسيات ويزرع الشك في المراد ويضعف الثقة في المقاصد المعلنة.<br /> وفي مجال تدبير بناء المساجد تم تضمين قوانينها بمقتضيات لا يظهر منها إلا تكون أداة للعرقلة والتعقيد،كما أن ورود عقوبات زجرية تصل إلى تغريم أصحاب المبادرة خمسة أضعاف ما جمعوه من تبرعات دون أن تقل عن 200 ألف درهم، تبين حجم التخويف والإرهاب النفسي لكل من تسول له نفسه التفكير في بناء بيت من بيوت الله أو مجرد المساهمة فيه، كما أن إلزام الجميع بأطر جمعوية وغيرها قد ينفر آخرين جهلا أو طبعا أو فرارا من تماطل السلطات وتفنن بعض رجالها في تضييع أوقات الناس، والحال أن المجال هو مجال تطوع ورغبة في الأجر والثواب يسد جانبا مهما مما تعجز عنه الجهات الرسمية، والمفروض أن يكون التشجيع والتحفيز والثناء والرفق هو إطار التعامل، وليس التخويف والإرهاب النفسي. فتلك القوانين الخاصة ببناء المساجد لم يراع فيها صعوبة تطبيق آليات وضوابط وشروط طلبات الترخيص لتكوين الجمعيات، وكذا جمع التبرعات وخصوصا في الوسط القروي الذي ما يزال يعاني من الأمية وتعقيد المساطر الإدارية .<br /> 4- الاستهانة بحرمة الأوقاف:<br /> فالمتتبع فقط لما ينشر ويتداول بخصوص التعامل مع الأوقاف التي ائتمننا عليها أسلافنا، يشتد فزعه ويندهش للتبذير الواقع فيها وتجفيف ينابيعها وتفويتها بأبخس الأثمان، وحرمان الوعاء الوقفي من ملايير الدراهم. ويخيل للملاحظ لأوضاع مصالح الوقف بالوزارة مركزيا أو أحوال عدد من نظارات الأوقاف وكأنها أضحت بمثابة دولة داخل الدولة، يتصرف القائمون عليها بحرية كبيرة وكأنها اقطاعات خالصة لهم، بل هي أقل من ذلك عندهم إذ لو كانت من ملكياتهم الشخصية لما قبلوا تفويتها بما يسمع ويذاع من أبخس الأثمان، والغرر والغبن الفاحشين سواء في بيع أو شراء، وكأنهم لا يخضعون لأية مراقبة من أي نوع و لا لأي متابعة أو تتبع بالرغم من جملة من التصرفات المشبوهة. حيث يتصرفون في ثروات هائلة و عقارات شاسعة و مداخيل غزيرة بدون أي شفافية و لا ضوابط ، و بدون حسيب و لا رقيب. و ظل الحال على ما هو عليه رغم ظهور ممارسات مريبة بجلاء و رغم تراكم الشكايات و المطالبات في هذا الشأن. وقد يخنسون قليلا إذا فاحت منكرات تصرفهم وعلت درجة الاستنكار، وما إن تهدأ العاصفة حتى تعود حليمة إلى عادتها القديمة وربما بشراسة كبيرة ونهم قوي.<br /> إنه النزيف الذي تعرفه ممتلكات الأوقاف أو ممتلكات بيوت الله خصوصا بمدينة مراكش التي تشكل العمود الفقري لهذا الرصيد .وتذكر مصادر مطلعة أن ما تم بيعه وتفويته فقط في السنتين الأخيرتين يفوق ما تم من ذلك خلال عشرين سنة الماضية، وفيما يلي أمثلة قليلة مما رشح من أوقاف مراكش والتي تم تفويتها بأبخس الأثمان وتعد فيه الخسائر بالملايير ، ويكفي أن يعلم الفرق بين خمسين درهما أو ستين للمتر الواحد وبين قيمته الحقيقية التي قد تصل ل: خمسة آلاف درهم ليعلم فداحة الإجرام:<br /> <br /> بعض القطع الحبسية التي تم تفويتها خلال السنتين الأخيرتين<br /> <br /> مآلها رسمها العقاري مساحتها أوقاف مراكش <br /> صادقت وزارة الأوقاف على المعاوضة بمبلغ 50 درهم للمتر المربع لفائدة الشركة المذكورة 8023/ م 175هكتار معاوضة أرض حبسية تسمى عين سليم العمرية لفائدة شركة أونابار <br /> صادقت الوزارة على المعاوضة لفائدة شركة الضحى بمبلغ 60 درهما تقريبا في حين هناك عرض أكبر لشركة استثمارية أخرى 7991/43 283 هكتار <br /> - معاوضة أرض حبسية تسمى " عين سليم العامة" لفائدة شركة دوجا للإنعاش مجموعة الضحى<br /> 30 هكتار - معاوضة أرض حبسية تسمى تامسنا 2 المساحة المتبقية من الصك العقاري <br /> صادقت الوزارة على المعاوضة 8269/ م 14 هكتار - معاوضة أرض حبسية لفائدة صندوق الإيداع و<br /> التدبير<br /> صادقت الوزارة على المعاوضة بمبلغ إجمالي 45.000.000 درهم تقريبا 9655/ م معاوضة أرض حبسية لفائدة صندوق الإيداع و التدبير المسماة " جنان أحمد وبو جمعة "<br /> صادقت الوزارة على المعاوضة لفائدة رشيد بالمختار بمبلغ 450 درهم للمتر المربع مع العلم أن هناك خبرات عقارية قومت الملك بما يفوق الضعف 9653/ م 5 هكتارات - معاوضة أرض حبسية مساماة " سيدي غانم "<br /> صادقت الوزارة على المعاوضة بمبلغ 95.920.000 درهم 11595/ م 126 هكتار - معاوضة الأرض الحبسية المسماة "الميلوع" لفائدة شركة فاديسا <br /> صادقت الوزارة على المعاوضة للشركة المذكورة 12820/ م 49 هكتار معاوضة أرض حبسية تسمى الكحيلي لفائدة شركة أوبتيم العقارية <br /> صادقت الوزارة على المعاوضة لفائدة عائشة العسري 10704/ م معاوضة أرض حبسية تسمى "كوشن" <br /> صادقت الوزارة على المعاوضة لفائدة السيد عبد العزيز المعوني 116203/ م 6 هكتارات معاوضة أرض حبسية تسمى عين الفقراء <br /> صادقت الوزارة على المعاوضة لفائدة مصطفى الساهل بمبلغ 2.142.000 درهم 11560/ م 3 هكتارات تقريبا معاوضة قطعتين حبسيتين من جنان الصبان <br /> <br /> <br /> استشراف المستقبل:<br /> إن استحضار منجزات تدبير المجال الديني وكذا الإخفاقات فيه تمكننا من رسم معالم إصلاح للمجال نثمن فيه ما تحقق ونحرص على الزيادة فيه وتحسينه، ونتجاوز مظاهر الخلل والإخفاق ، فنخدم دين الله حقا وتدين عباده بما يصلح دنياهم وينجيهم عند ربهم ونعمل على النهوض بالقيم الإسلامية وتعزيز التدين والأخلاق، وتقوية منظومة الوعظ والإرشاد والخطابة بما يقوي فاعليتها وتأثيرها في تعليم الناس وتزكيتهم، وتطوير الأوقاف وتنميتها بدل تبديدها وتضييعها مستحضرين ما يختم به المحبسون من طلبهم انتقام الجبار ممن بدل أو غير، والعمل على تشجيع الاجتهاد وتطوير نظام الفتوى ونشر التراث الإسلامي، وتشجيع بناء المساجد ورعايتها من الدولة والمحسنين بدل القوانين المنفرة، وكذا مزيدا من العناية بالقرآن الكريم وسنة الحبيب المصطفى،وتعزيز اندماج التعليم العتيق وتأهيل التعليم الديني بما يحقق مقاصد فقه الأمة في دينها إعمالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" والاجتهاد في القيام بما نقدره من حقوقه تلاوة وتدبرا وعملا ودعوة وحفظا وكذا سهر جهاز الأوقاف على مزيد من تيسير شروط الحج والعمرة. <br /> وضرورة التفكير في تقوية إعادة الاعتبار لجامعة القرويين وتحديث مناهجها التعليمية ودعم مواردها المالية والبشرية، بما يضمن تقوية الجبهة الدينية في اتجاهها السليم ويحد من إيديولوجية التكفير وهجرة المجتمع والسياسة وما يتولد عنها من إرهاب فكري ومادي مدمر للتسامح الديني.<br /> و تكوين علماء عصريين ذوي رسوخ في العلوم الإسلامية مع وعي بما يتفاعل في عصرهم من تيارات فكرية.<br /> وتقوية فكر الاعتدال الذي تساهم في نشره الحركات والجمعيات المتخصصة في الدعوة والتربية والتكوين في نطاق المشروعية القانونية والداعمة لإمارة المؤمنين.<br /> ومن أنجع السبل في التأطير الديني السماح بحرية النقاش و الحوار دون إقصاء أي طرف و دون اعتماد أي نوع من أنواع الاحتكار في هذا المجال.إذ بلدنا بحاجة إلى مزيد من الحريات المؤطرة و المسؤولة. ذلك أن الشرعية لا تكتسب بالفرض و إنما تكتسب من خلال الإقناع ولا إقناع من غير حرية. ولا إصلاح في الحقيقة إلا برفع الحجر والوصاية عن العلماء فهم بحمد الله أعقل وأرشد وتقدمنا رهين بحرية علمائنا.<br /> كما أنه في الأخير لا بد في المجال الديني كما في غيره من المجالات من التعاون بين الجهات الرسمية والشعبية بحيث تبقى الحركة الإسلامية ومختلف الفاعلين الدينيين أفرادا وجماعات حلفاء طبيعيين لكل من يجعل من المرجعية الإسلامية ركنه الركين حتى يواجه الجميع المتربصين بأصول الأمة وجذورها من العلمانيين المتطرفين والمفسدين الحاقدين.
ب
المفكر الإسلامي المقرئ الإدريسي أبو زيد : القراءات الجديدة للقرآن الكريم هي في الأصل ثقافة علمية غربية <br /> <br /> <br /> على هامش ملتقى فكيك الثالث للقراءات الجديدة للقرآن الكريم، التقت التجديد مع الأستاذ المقرئ الإدريسي أبو زيد، فألقى بعض الضوء على خلفيات هذه القراءات وجذورها العلمانية، وبين خطورة تبنيها في مؤسساتنا التعليمية والدينية منها على وجه الخصوص كدار الحديث الحسنية وغيرها، وفيما يلي نص الحوار:<br /> <br /> ما هي أهم أفكار ومرتكزات القراءات الجديدة للقرآن الكريم؟<br /> <br /> القراءات الجديدة، التي هي في الأصل ثقافة علمية غربية انطلقت من قراءة النص المقدس منذ عصر النهضة أواسط القرن السادس عشر ثم انتقلت منه إلى نصوص أدبية وفكرية وتراثية يونانية وإغريقية. القاسم المشترك بين هذه المناهج، أنها قامت على أساس اضطراب النصوص أي بشريتها، وأن الإنجيل والتوراة قد دونتا بيد إنسانية. وما تبقى من النصوص فهو أصلا منسوب إلى أصحابه من بني البشر. ولهذا فهذه المناهج سواء منها: المنهج الفينولوجي أو المنهج الفينومينولوجي أو المنهج الهيرمينوطيقي أو المنهج البنيوي أو المنهج التفكيكي، كلها مناهج تنطلق من تطبيق العلوم الإنسانية على النصوص الدينية نازعة عنها القدسية، ومؤمنة بنسبية المعنى، وشاكة في موثوقية التدوين، ومعطية مجالا أوسع للتأويل، ودورا أكبر للقارئ والشارح في إعادة إنتاج النص. بعبارة أخرى، يصبح النص ذا مصدر بشري، وسياق بشري، ومآل بشري.<br /> <br /> ثم إن المناهج الحديثة الغربية التي تطورت بعد القرن التاسع عشر، أي في القرن العشرين أصبحت أكثر جرأة في نزع المعنى وفي تحطيم السياق وفي تفكيك العلاقات القائمة بين العبارات وفي التأويل البعيد المغرض لقلب النوايا وعكس المقاصد، والبحث في طرق ملتوية لإنتاج معنى جديد في سياق جديد لا علاقة له البتة بالسياق الذي أنتج فيه النص ومعناه الأول.<br /> <br /> ومن خطورة هذه المناهج أنها لم تبق مقصورة على نصوص غربية وإلا لكان الإنسجام هنا حاضرا ومقبولا، لكن تم نقلها إلى القرآن الكريم بالخصوص. ويبقى السؤال لماذا القرآن من دون النصوص الأخرى؟ كنصوص البوديين والهندوس والنصوص الأدبية والفكرية؟ ولماذا التركيز سواء من قبل الأوروبيين أو من أتباعهم المتغربين من المسلمين على أن تطبق هذه المناهج بالضبط على القرآن ؟ كل ذلك يقع من غير شك لنزع القدسية عنه وللتشكيك في مصدره المتعالي ولقياسه على النصوص البشرية بل ولوصمه بوصمات الدونية لا يرضاها منصف لمؤلف من البشر، فكيف بكتاب رب العزة.<br /> <br /> <br /> ماهي آثار هذه المناهج عندما نجعلها أساسا لتكوين علماء الشريعة؟<br /> <br /> هذه مفارقة ما كنت أحسب أنني سأحيى إلى زمن أسمع فيه هذا الذي يجري في بلادنا وفي العديد من بلاد المسلمين، كيف يعقل أن تصبح هذه المناهج النسبية وهذه المناهج الجزئية وهذه المناهج التي في الغالب لا تحترم حتى منطلقاتها ولا تلتزم حتى بمبادئها مرتكزا لتكوين علماء المستقبل في شريعة الإسلام؟ كيف تصبح هذه المناهج وهي في عرف أصحابها تنتج معاني لا نهائية وتنتج معانى مؤقتة ولا وجود لمعنى أصلي فيها ولا لمعنى نهائي ولا لمعنى نواة ولا معنى حتى لمقصد المؤلف أو الكاتب بالنسبة للقرآن لمقصد الشارع أو مقصد رب العزة ؟ <br /> <br /> فهذه المناهج ترفض أن تطرح سؤال: ما مقصد منتج النص لأن منتج النص الحقيقي عندهم هو الذي يتناوله وهو الذي يتلقاه. وفي هذا الإطار توسعت نظريات التأويل والتلقي والتفكيك والقراءة الهرمنوطيقية، ووجه طلبة المسلمين، الذين يدرسون في الجامعات الغربية إلى هذه المناهج لتطبيقها في البداية على بعض النصوص الأدبية وعلى بعض نصوص التراث ثم تم تحويلها بعد ذلك إلى القرآن الكريم وإلى السنة النبوية الشريفة. والأمر الآن أصبح أخطر، فلم يعد الأمر يقتصر على طلبة المسلمين الذين يشدون الرحال إلى هذه الجامعات، وإنما شدت هذه المناهج الرحال إلى جامعاتنا، وفي البداية كان وصولها اختياريا عن طريق النخبة المتغربة التي درست هناك ثم نقلت هذه المناهج إلينا، لكن مؤخرا لاح في الأفق برنامج سياسي أمريكي غربي مفروض ومشروط في إطار سياسة القهر والعولمة،وتحت مسميات الإصلاح، ومن ذلك إصلاح مناهج التعليم.<br /> <br /> وطبق ذلك في بلاد كثيرة ومنها بلاد المغرب حيث بدأ الحديث عن إعمال المناهج الحديثة في تفسير النص القرآني، بل وغيرت حتى المصطلحات، فالقرآن لم يعد اسمه القرآن بل اسمه المدونة الكبرى، والسبب المرتبط به نزول الآية أو الآيات أصبح يسمى الواقعة القرآنية، و تم إحياء كل ما كتبه المستشرقون وكل ما نفثوه من أحقاد طيلة ثلاثة قرون، كل ذلك يتم الآن إعادة إنتاجه وتقديمه بلغة جديدة، وحذلقة جديدة، ومناهج تسمى جديدة.<br /> <br /> ويراد الآن إلغاء مناهج التفسير وعلوم التفسير وعلوم القرآن في جامعاتنا الإسلامية ومعاهدنا الدينية والشرعية، وإحلال هذه المناهج مكانها ليصبح النص القرآني عرضة لعبث من هب ودب، ولكي تسري روح الفوضى عليه، والضياع واللامعنى، نسأل الله العافية وحسن الخاتمة.<br /> <br /> في هذا السياق أقدمت وزارة الأوقاف على استدعاء أحد الأمريكيين وكلفته بوضع منهاج لتكوين طلبة دار الحديث الحسنية، ويحتوي على الثلثين من المواد ذكر الوزير نفسه أنها في سياق التفتح ويشمل عددا من اللغات القديمة والحديثة وكذا المناهج الحديثة وخصص الثلث فقط للعلوم الشرعية وربما بدورها بمناهج لا تخلو من مقال. في نظركم هذا التحول الذي تعرفه مؤسسة دار الحديث الحسنية إلى أي شيء يرمز وما هي دلالته؟ <br /> <br /> إنه لشيء مؤسف ومخيف بل ومرعب، أن نكل مصائرنا إلى مثل هذه الاختيارات الانتحارية، القائمة في الجوهر إذا ما أزلنا الحذلقة والتبرير على الخضوع للضغوط الأجنبية. ما معنى أن يأتي أمريكي لكي يعلمنا في دار الحديث الحسنية مناهج التدريس ولكي يملي على أساتذتنا ما سوف يملونه على طلبتنا؟ وما معنى أن يتم التستر على هذه المناهج وعدم نشرها للجمهور وكأن الأمر سر من الأسرار العسكرية أو الاستخباراتية؟ ألا يحق للشعب المغربي المسلم وعلمائه وممثليه في البرلمان ومجتمعه المدني الغيور على دينه أن يعرف حقيقة هذه المناهج التي سيتكون عليها غدا من يفتي ومن يقرر ومن يدرس؟<br /> <br /> إذا كنا اليوم نعاني مع قلة من المتغربين درسوا عند المستشرقين في الجامعات الأوروبية وتخرجوا من بعض الشعب التي تسمى شعب الدراسات العربية الإسلامية وجاءوا مشحونين بكثير من الشكوك والأسئلة والطعون والافتراءات وبكثير من الجهل بالمقومات الأساسية للعلوم الشرعية، فكيف يكون الأمر إذا أصبحنا أمام أفواج من طلبتنا ينهلون من نفس المعين في عقر ديارنا؟<br /> <br /> بل وكيف يكون حالنا مع انقراض هذا الجيل الملقح والذي يواجه مثل هذه التيارات وهو إلى انقراض لأنها سنة الله في الكون، هذا الجيل من العلماء الذين تكونوا بالطرق التقليدية وتشربوا العلوم الإسلامية من منابعها الصافية ومن مصادرها الأصلية، كيف إذا انقرضوا ولم يبق إلا هذا المسخ الذي يراد تخريجه بهذه المناهج الماسخة والممسوخة.وإن هذا ما يراد للمغرب وما تريده أمريكا، وللأسف فإن السياسات العليا في المغرب منبطحة للتوجيهات الأمريكية والأوامر الأمريكية، وليس غريبا أن ينخرط المغرب في برنامج الشرق الأوسط الكبير، وليس غريبا أن يستضيف منتدى المستقبل، وليس غريبا أن يصبح بلدنا الآن هو موضوع تطبيق وتجريب كل ما تريد أمريكا أن تعممه على العالم الإسلامي حتى إن الدوائر العليا الأمريكية لتمدح السياسات الرسمية المغربية لأنها متعاونة وأنها طليعة التغيير، وتعتبرها قدوة لباقي الشعوب العربية الإسلامية. <br /> <br /> فهل يعقل أن ينتقص لطلبة العلوم الشرعية الجزء الأوفر من المواد الأساسية كالتفسير والحديث والأصول والفقه ؟ وهذا التغيير نفسه هو ما بلغنا عن مقررات جامعة القرويين مما اضطر كثيرا من الطلبة أن يغادروها غاضبين ليعودوا إلى بيوتهم لأنهم لم يجيئوا ليتعلموا الهرمينوطيقا ولم يأتوا ليتعلموا الإنجليزية والفرنسية والحاسوب حتى وهذه المعارف مهمة ولكن لا ينبغي أبدا أن تكون على حساب العلوم الشرعية. <br /> <br /> فهل يعقل مثلا أن تمحو كلية الطب من مقرراتها مواد طبية أساسية كالتشريح والجراحة والطب الباطني وتعوضه بعلم الاجتماع والاقتصاد بحجة أن الطبيب عليه أن يعرف كيف يتعامل مع المريض، وكيف يسير عيادته، وأي جامعة في الدنيا ستقبل طبيبا لم يدرس من العلوم الطبية إلا القليل ودرس الكثير من العلوم الزائدة التي ليست هي الأصل في تكوينه بزعم أنه يحتاج إليها لكي يكمل مهمته؟<br /> <br /> لماذا لا يقبل في كل تخصص إلا أن تدرس فيه العلوم النواة والعلوم الأساسية والعلوم الرئيسية التي بدونها لا يكون الطبيب طبيبا ولا يكون المهندس مهندسا ولا يكون اللساني لسانيا ولا يكون المؤرخ مؤرخا ولا يكون الميكانيكي ميكانيكيا، ثم يؤتى بالعلوم الشرعية لكي تتعاور عليها أيدي الصليبيين والصهيونيين وتابعيهم في بلاد المسلمين فيحذف من هذه العلوم الجوهر في الموضوع والجوهر في المضمون والجوهر في المنهج، و يزاحم عقل الطالب ووقته وجهده وذاكرته بمعارف أخرى ليس بالضرورة بالمرة أن يكون ملما بها كاللاتينية واليونانية والإغريقية والعبرية، هل يعقل أن يصبح الفقيه لكي يفتي خبيرا في الفيزياء والكيمياء والفلك والرياضيات وعلوم اللغة؟ هل لكي يعرف معرب القرآن عليه أن يدرس العلوم اللغوية لكل اللغات السامية التي منها كلمات في القرآن؟ <br /> <br /> إن الفقيه مثل غيره ينحاز إلى تخصصه ويتكون فيه ويتعمق فيه ويرسخ لديه ثم إذا احتاج إلى أي خبرة عند لغوي أو رياضي أو طبيب أو عالم نفس أو اقتصادي استفاد منه.<br /> <br /> وإننا في زمن تكامل العلوم وانفتاح العلوم وتكامل المناهج وانفتاح المناهج وكما أن الطبيب قد يستشير الفقيه في بعض الجوانب دون أن يحتاج هو إلى ترك الطب ودراسة الفقه فإن الفقيه سيستشير الطبيب في بعض الجوانب دون أن يضع كراسة الفقه وينغمس في دراسة الطب.<br /> <br /> ماذا تقترحون من سبل مواجهة مثل هذه المخططات؟<br /> <br /> للأسف الشديد المواجهة صعبة، والسبب أن الذين يقومون على هذه الأنشطة وعلى هذه التوجهات وعلى هذه التصرفات المريبة هم رعاة الجهاز التنفيذي هم المدبرون لمصير هذا الشعب المسكين في هذه المرحلة الحرجة التي تطبعها العولمة والقولبة والإكراه الثقافي، ويتنبأ فيها معارضو العولمة من أمثال تشومسكي وجون كلود تشوزني والمهدي المنجرة بأن 50 سنة القادمة ستشهد إبادة أكثر من 80 ثقافة ولغة وهوية.<br /> <br /> والهوية العربية الإسلامية مرشحة أن تكون ضمن هذه الثقافات الثمانين التي سوف تمحى إذا لم ينتصب الغيورون لأخذ زمام الأمور. أنا أدعو من هذا المنبر النواب البرلمانيين وأنا واحد منهم وممثلي الأمة إلى أن يقفوا وقفة قوية جريئة حازمة ضد هذا العبث؟ <br /> <br /> وأدعو ثانيا العلماء ألا يسكتوا فهذه محطة إذا سكتوا فيها سيكونون هم المعنيون بالساكت عن الحق شيطان أخرص. ماذا بقي في هذه الدنيا من تغيير وإفساد لم يحدث حتى يتكلم العلماء، تغيرت كل الميادين وأفسدت كل المجالات وهم يصمون آذانهم ويستغشون ثيابهم ويغمضون عيونهم والآن دخل عليهم الفساد معقلهم ووصل الخطر إلى عرينهم والعدو يعبث بتلاميذهم، والأمر يتعلق الآن بمؤسساتهم وتخصصاتهم ودورهم، فإذا لم يتكلموا اليوم فمتى يتكلمون؟ <br /> <br /> ثم ثالثا: المجتمع المدني الغيور من الجمعيات والمنظمات التي همها حماية مصالح المواطن. هل يعقل أن تكون لدينا جمعيات لحماية المستهلك من ما يدخل بطنه ولا تكون لدينا جمعيات وهيئات لحماية المستهلك من ما يدخل عقله ويفسد عليه روحه وهويته؟<br /> <br /> ما هو تقييمكم لملتقى فكيك الثالث للقراءات الجديدة، وما هي في نظركم سبل تفعيل الأعمال وتوصياته؟ <br /> <br /> أريد هنا أن أشيد بهذا الملتقى وبمنظميه وبفكرته وبالغيرة الواضحة لدى مؤسسيه ومسيريه، كما أريد أن أنوه بالمستوى العلمي للأساتذة الذين ألقوا عروض علمية أكاديمية تخصصية دقيقة في كثير من هذه المناهج الفينولوجية والأنثروبولوجية والاجتماعية والهرمنوطيقية وغيرها فكشفوا للناس من موقع التخصص ومن موقع المعرفة الدقيقة وليس فقط من موقع الغيرة على الإسلام عاطفيا، كشفوا خطر هذه المناهج وخطر ظلالها وعدم صلاحيتها حتى لما طبقت عليه أصلا وحتى للبيئة التي انطلقت منها ابتداء. <br /> <br /> فالآن الغربيون أنفسهم يهاجمون التفكيكية ويعتبرونها منهج اللامعنى، ومنهج موت المعنى ومنهج قتل المعنى. ويرفضون أن يعتدى على تراثهم حتى الأدبي وحتى المعاصر منه بإعمال المناهج التفكيكية التي لا تبقي للنص أي وجه ولا أي شكل ولا أي لون ولا تبقي فيه أية فكرة رئيسية، إذا كان الغرب الآن يواجه التفكيكية باعتبارها رمزا للإفلاس الروحي والحضاري فكيف الأمر بالنسبة لمن يريدون تطبيقها على القرآن الكريم وعلى السنة النبوية الشريفة.<br /> <br /> وأتمنى أن يخرج هذا الملتقى الثالث من الجدران الأربعة التي حبس فيها، ويتم نقل فعاليات هذا النشاط إلى مدن أخرى كالرباط والدار البيضاء وغيرهما، وكذا العناية بطبع هذه الأعمال وإصدارها في كتب و نشر ملخصاتها الأكاديمية في المجلات العلمية و الجرائد الوطنية وتخصيص موقع إلكتروني لهذا الملتقى المبارك، وأن تتحول توصيات الملتقى إلى مخطط عملي، ويتم إرسال تلك التوصيات إلى كل الجهات المعنية لتوضع أمام مسؤولياتها، ويبين لها هذا الخطر الداهم. وأتمنى أن يكون موضوع الملتقى القادم بحول الله حول النظريات والمناهج الجديدة لقراءة القرآن الكريم والتي أبدعت من داخل النص القرآني ومن داخل الثقافة الإسلامية.<br /> <br /> <br /> <br /> <br /> حاوره محمد بولوز<br /> <br /> <br /> 27/4/2007<br /> <br /> <br /> http://www.attajdid.ma/def.asp?codelangue=6&po=2<br />
المغرب الملكي
Publicité
Newsletter
702 abonnés
Derniers commentaires
Publicité