صناديق الملوك الثلاثة
إن دور بعض الصناديق الخاصة في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، أكد منذ سنوات قصور، بل فشل الحكومة أحيانا، وإن القائمين على بعض الصناديق الخاصة ومستشاري الملك محمد السادس يحجبون الآن صورة حكومة عباس الفاسي في كل ما يتعلق بالمشاريع الكبرى والقرارات الحاسمة.
من الملاحظ أن المشاريع الكبرى والورشات الضخمة من جهة، والقوانين والتدابير الإجرائية الكبرى من جهة أخرى، لم تصدر عن السلطتين التشريعية والتنفيذية (الحكومة والبرلمان)، وإنما كانت كلها بمبادرات ملكية، بل حتى تنفيذ البرامج الكبرى التي سطرها الملك، اضطلعت بها هياكل وهيئات أنشئت بقرار ملكي، وعلى رأسها صناديق الملوك الثلاثة: صندوق محمد الخامس وصندوق الحسن الثاني وصندوق محمد السادس، وهي صناديق قامت بأهم الأدوار التنفيذية مكان الحكومة كما عوضتها بخصوص مجموعة من المشاريع والبرامج الضخمة المعول عليها في تفعيل آليات التنمية من جديد. وقد تأكد هذا المنحى منذ أن تم سحب الإشراف من الحكومة على تأهيل الاقتصادي الوطني، وفي هذا الصدد تم إخراج صندوق الحسن الثاني للتنمية من دائرة مسؤولية وزارة المالية وتأسيس لجنة خبراء في المناطق الاقتصادية تعمل تحت إشرافه بالإضافة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي
إن حجب "صناديق الملوك الثلاثة" للحكومة الدستورية بيّن أن النهج المعتمد في معالجة مجموعة من القضايا الكبرى وإرساء وإعداد وتتبع المشاريع الضخمة يقوم على لجان ومؤسسات وهيئات خارجة عن دوائر الحكومة، رغم وقوع ذلك في لبّ اختصاصها.
وبذلك أضحت الملفات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى تدار وتدبر خارج دائرة الحكومة بواسطة صناديق ومؤسسات تابعة مباشرة للملك، لكنها ممولة من المال العام، مال الشعب.وقد يصادف المرء صعوبة جمة في تناول موضوع هذه الصناديق اعتبارا لارتباطها بالملك، وشخص الملك يحظى بموقع خاص جدا دستوريا