تقديس شخصية الملك
يحكي طبيب نفساني يعمل بعيادة تابعة لصندوق الضمان الاجتماعي بالدار البيضاءوغالبية مرضاها من الأوساط الشعبية,عن حالة امرأة تبلغ الثلاثين من عمرها تعاني من مرض نفسي,الحب الهوسي وهو حب لا يمكن اشباعه.في هذه الحالة,يقول الطبيب نفسر للمريضة بأن الشخص الذي تحبه ليس بتلك الدرجة من المثالية التي تتصورها.فهو شخص كباقي الناس له مزايا وعيوب والحل هو النسيان.غير أن الشخص المقصود في هذه الحالة ليس سوى محمد السادس ملك البلاد.يقول الطبيب"قد يكون الحل هو الاحتفاظ بهذه المريضة,لكن هذا غير ممكن نظرا لطبيعة مرضها.لذلك وبكل بساطة,أنا عاجز عن علاجها.لماذا ؟لأن هذه المسكينة بمجرد خروجها من العيادة سترى محمد السادس أينما ولت وجهها,في الشوارع والادارات والمتاجر والدكاكين.واذا أرادت أن تتسوق يجب أن تؤدي باوراق نقدية تزينها صوره.كما أنها ستشاهده يوميا على صفحات الجرائد وشاشة التلفزيون وتسمع عنه أيضا في الراديو
ان الهوس الذي تعاني منه هذه المرأة ليس طبيعيا بالتـأكيد.لكن هل يمكن اعتبار الهوس الجماعي برئيس الدولة مسألة طبيعية؟لقد تعود المغاربة على هذا الهوس منذ زمن محمد الخامس,وبالأحرى خلال حكم الحسن الثاني.لذلك فهم يعتبرونه عاديا وطبيعيا.وحتى المغاربة اللي واعيين شوية يقولون انه"ليس شيئا خطيرا في حد ذاته".لكن هل هذا صحيح بالفعل؟هذه الظاهرة لها مصطلح يعبر عنها بدقة"تقديس الشخصية".وتعرفها الفيلسوفة شانطال ديلسول كالتالي"تقديس أو عبادة الشخصية شكل مبالغ فيه من أشكال تشويه السلطة.فالشخص المقدس يتضخم حجمه ويتجاوز بكثير حجمه الحقيقي ويتم التعامل معه على هذا الأساس".لكن كيف يتحقق ذلك؟بالاستعمال المكثف لوسائل الدعاية,خصوصا وسائل الاعلام والمناسبات الجماعية سواء كانت تلقائية أم لا.وفي المغرب تتعقد الامور أكثر بسبب مفهوم"قداسة" الملك الذي يدعمه الدستور والنسب الشريف المرتبط بآل البيت.هل"سيدنا" انسان أم كائن شبه الهي؟هل هو قائد معصوم من الخطأ بطبيعته,يدين له الشعب بكل شيء ؟"...