Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
المغرب الملكي
27 octobre 2008

حقيقـة العمليـة التـي أسقطـت أم الـملــك ضحيــة

lalalatifaكيف سقطت للا لطيفة في الفخ؟ وأي مجنون تجرأ على سرقة “أم الشرفا”؟ وما علاقة المديوري بالقضية؟ وما الذي جعل أم الملك تدير هذه المرة إحدى صفقاتها لوحدها؟ وما هو رأس خيط الحقيقة في عملية معقدة يوجد أحد رؤوسها في سجن عكاشة والباقون في الطريق؟  ولماذا لا تمر صفقات أم الملك عبر مدير الكتابة الخاصة للملك، محمد منير الماجيدي؟ أليس “م3” مسير ثروة الأسرة المالكة، ويمكنه بسهولة أن يدير ثروة أم الملك التي ورثتها بعد توزيع تركة الحسن الثاني، بناءا على توجيهات من أم الجالس على العرش ووفقا للإستشارة المطلوبة، تماما مثلما يقوم بذلك بعض من أفراد الأسرة الملكية؟

كانت عقارب الساعة مضبوطة على عيد العرش في فاس وأهازيج الإبتهاج التي ترافق مراسيم البيعة تملأ القصر، حينما طلبت أم الملك من وكيل أعمالها أن يلتحق بها والموثق بعد نهاية طقوس البيعة، كي يتم التوقيع على عقد تفويت أحد عقاراتها الشاسعة والمترامية الأطراف بمدينة النخيل. ولأن مراسيم البيعة وطقوسها المخزنية، بما في ذلك شؤون وشجون أفراد العائلة التي التفت حول الملك، قد امتدت إلى وقت متأخر، فقد أرجأت “أم سيدي” -كما جرت العادة أن ينادى على أم الملك بالبلاط- عملية التوقيع إلى الغد. يومها استأذنت امرأة في عقدها السادس، بشرتها نقية كالحليب، من الجالس على العرش بعد أن قبلته على خده، ولثوان حدثته عن نيتها في افتتاح مسجد ”الهدى” في شعبان بحي بوعكاز بمراكش الذي شيدته من مالها الخاص، مثلما فاتحته بشأن اعتزامها بيع عقارها الذي يحمل اسم الـ”كدية” بنفس المدينة.
لم تظهر أي من علامات المفاجأة على ملامح الملك، وفي لمح البصر حظيت أم محمد السادس بالموافقة مسنودة بالمباركة، هي التي عوّدت وريث الحسن الثاني على الإعتماد على نفسها أولا ثم على فريقها في إعداد برامجها ومشاريعها، وفي مقدمتهم رجل ثقتها الحاج المديوري.
لكن، بعد أسابيع معدودة، عادت الأميرة وهي تجر أذيال الخيبة وهي على سماعة الهاتف وفي الطرف الآخر من المكالمة محمد منير الماجيدي، مدير الكتابة الخاصة للملك ومسير ثروة الأسرة الملكية، وبين يديها شيك بقيمة 31 مليار سنتيم بدون رصيد، بالإضافة إلى شهادة من المحافظة العقارية تثبت أن الأرض التي ورثتها عن الحسن الثاني في ملكية رجل أعمال بيضاوي!  وبمجرد ما وصلت تفاصيل قضية أغضبت الجالس على العرش، أعطى محمد السادس تعليماته كي تحال على القضاء ليقول كلمته الفصل فيها. والخطوة الأولى إنطلقت  من مكتب محامي البلاط ذ. الناصري الذي وضع بتاريخ 11 شتنبر الماضي شكاية في مكتب وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية بالدار البيضاء، بحكم أن عقد توقيع بيع الأرض تم بالعاصمة الإقتصادية، وهذا نص الشكاية

imgp0038صاحبة السمو الملكي الأميرة للا لطيفة أمحزون العلوي، القاطنة بمراكش، طريق النخيل، تتشرف بأن تعرض عليكم سيدي وكيل الملك بكل احترام: أنها بمقتضى عقد رسمي حرره الأستاذ أحمد تامر، الموثق بالدارالبيضاء، باعت للمسمى المحجوب فهمي مجموع الملك المسمى “كودية” الكائن بمراكش والذي يبلغ مجموع مساحته 21 هكتارا و20 آرا والمكون من قطعتين تحمل الأولى اسم “كودية1”، ذات الرسم العقاري عدد 1886م وتحمل الثانية اسم “كودية سيم”، ذات الرسم العقاري عدد 6045 م، بثمن إجمالي قدره 318.000.000 درهم. وأن المشتري المسمى المحجوب فهمي دفع للعارضة لتسديد ثمن البيع المشار إليه أعلاه، شيكا مسحوبا على الشركة العامة المغربية للأبناك (وكالة باستور بشارع عبد المومن بالدارالبيضاء)، وأن هذا الشيك تم إرجاعه إلى العارضة بدون أداء نظرا لكون حساب صاحبه المسمى المحجوب فهمي لم يكن يتوفر على رصيد كاف، كما يتضح ذلك من شهادة الشركة العامة المغربية للأبناك بتاريخ 11 شتنبر 2008.
وأن المسمى المحجوب فهمي، رغم علمه بكون الشيك الذي دفعه للعارضة كان شيكا بدون رصيد، بادر إلى تقييد عقد البيع بالمحافظة العقارية، كما يتضح ذلك من شهادتي الملكية الصادرتين عن المحافظ عن الأملاك العقارية بمراكش المنارة بتاريخ 11 شتنبر 2008.
وأن هذه الأفعال تشكل جريمتي النصب وإصدار شيك بدون رصيد المنصوص عليهما وعلى عقوبتهما في الفصلين 540 و543 من القانون الجنائي. لهذه الأسباب، فإن العارضة تضع بين يديكم، سيدي وكيل الملك، شكاية من أجل جريمتي النصب وإصدار شيك بدون رصيد، المنصوص عليهما وعلى عقوبتهما في الفصلين 540 و543 من القانون الجنائي ضد: المسمى المحجوب فهمي، مدير عام شركة”.
انتهى مضمون الشكاية التي ستقود رجل الأعمال البيضاوي إلى سجن عكاشة، ويبدو أن دائرة المتهمين المساهمين في اتساع، هذا على الأقل ما يؤكده اعتقال الموثق واستدعاء المحافظ ومجموعة من الشهود، قد لا يكون منصف المديوري ابن رجل ثقة أم الملك، إلا واحدا منهم.
من يكون رجل الأعمال البيضاوي الذي نصب على أم الملك؟ هل يكون قناعا لشخص آخر طمع في الصعود إلى قمة “الكدية”، وخشي أن يكون لظهور اسمه تبعات أمام أم الملك، فبعث بمن يقتني الأرض ليستفيد من ريعها، قبل أن يتخلى عن “الكدية” في آخر لحظة من أجل إجهاض عملية البيع، لغاية في نفسه؟ من تجرأ على النصب على أم الملك؟ وأي مجنون هذا الذي تجرأ على التواطؤ على أم محمد السادس لسرقتها؟ وما علاقة منصف المديوري بالعملية؟
حينما تمت عملية تفويت عقار”الكدية” إلى المحجوب فهمي كان الحاج المديوري -حسب مصادر مطلعة- قد وصل إلى “فونيز” في رحلة قصيرة إلى إيطاليا، فهل هذا معناه أن المديوري أبعد عن هذه الصفقة؟ ولماذا؟
وما الذي جعل أم الملك تدير هذه المرة إحدى صفقاتها وتوقع عقد البيع بعيدا عن عيني المديوري الذي جرت العادة أن يتكلف بكل مشاريعها، لاسيما حينما يتعلق الأمر بقطعة تجهزها أم الملك للبيع في مراكش، غير بعيد عن مسقط رأسه بأيت إيمور؟ وكيف يكون المديوري خارج الصفقة وابنه في قلبها؟ ولماذا لا تمر صفقات أم الملك عبر مدير الكتابة الخاصة للملك، محمد منير الماجيدي؟ أليس “م3” مسير ثروة الأسرة المالكة، ويمكنه بسهولة أن يدير ثروة أم الملك التي ورثتها بعد توزيع تركة الحسن الثاني، بناء على توجيهات من أم الجالس على العرش ووفقا للإستشارة المطلوبة، تماما مثلما يقوم بذلك بعض من أفراد الأسرة الملكية؟
بدت للا لطيفة وكأنها شابة في الأربعينات، في ردائها الثلجي الذي كثيرا ما ترتديه في أجواء مراكشية قائظة. خدامها يسبقونها في شعبان المنصرم، محمد المديوري رئيس الحرس السابق للحسن الثاني الأكثر صرامة يتقدم الحراس الخاصين لأم الملك، وهي تقص شريط تدشين مسجد الهدى ببوعكاز بالقرب من مطار المسيرة في مراكش في الجمعة التي سبقت رمضان، فيما النساء اللواتي بلغهن موعد تدشين أم محمد السادس للمسجد، يرمين بالرسائل الإستعطافية في اتجاهها، هذه مصابة بداء السرطان تمني النفس بالعلاج على حساب جمعية للا سلمى لمكافحة السرطان التي تترأسها عقيلة ابنها الملك، وتلك تطلب عملا لابنها المعطل.. لكن شيئا ما كان يشغل بالها وهي تتابع عن كثب عملية توزيع كتب خضراء، ورقها صقيل، وتضم صفوة الأدعية بمسجد الهدى.
بخطوات متسترة، كتومة، حريصة على البقاء في الظل، تقيم أم الملك محمد السادس بين طريق النخيل بمراكش و”نويي” في باريس في إقامة أشبه بزمردة ثلجية، تجمع بين الرخام النادر الأبيض والأخضر المرصع بماء الذهب بزنقة هنري باربيس الواقعة بنويي سير سين في مقاطعة “هو دو سين” الباريسية، التي بلغ ثمن العقار فيها منذ سنوات خلت مبالغ خيالية، وهي الإقامة التي قلما تفتح شبابيكها الخارجية، بحكم أن ثمة أكثر من منفذ بالبناية الأسطورية، يمكنها من الانفتاح على العالم الخارجي، هذا في الوقت الذي يخيل للمارة الباريسيين من أثرياء الجمهورية الفرنسية القاطنين بنويي أنها منغلقة على ذاتها.
إنه المنفى الإختياري لـ “للالطيفة أم الشرفا” التي لم يظهر لها أثر بعد وفاة الحسن الثاني، رغم الظهور المتواتر لنساء القصر، والظهور العلني لأول مرة لزوجة أحد الملوك العلويين في شخص للا سلمى ومنحها لقب أميرة، ولازال الجميع يذكر كيف أثار غياب أم وريث الحسن الثاني وابن عم الملك محمد السادس الكثير من الأسئلة في الصورة العائلية التي انفردت بنشرها مجلة ”باري ماتش” بمناسبة الذكرى الخمسين لعودة أب الاستقلال من المنفى، وعدم حضورها لدى استقبال محمد السادس لعماته بمناسبة عيد ميلاده سنة2007، وتوشيحهن بوسام، ومن بينهن الأميرة لمياء الصلح زوجة عم الملك محمد السادس.. والمرة الوحيدة التي برز فيها اسم أم الملك، تزامنت مع  تسرب نبأ  تبنيها حالة الطفل ياسين الذي كان مهملا بأحد سطوح مراكش يقتات على ما تبقى من فتات الكلاب التي نهشت وجهه، لدرجة أنها حرصت على التكفل بمصاريف علاجه، بما في ذلك العملية التجميلية التي أصرت على أن يجريها في أشهر المصحات الباريسية المختصة في التجميل، كما اصطحبته معها عند أدائها آخر مرة لمناسك العمرة..
lalalatifa01هي امرأة في عقدها السادس، لازالت تحتفظ بالكثير من مقومات جمال الأطلس المتوسط، تتنقل بين مراكش وباريس، يدير أعمالها مدير الحرس الخاص للراحل الحسن الثاني الحاج المديوري الذي لازال محط ثقة الأسرة الملكية. هي الملكة الأم، كما يحلو للصحافة الأجنبية التي تتتبع خطواتها في باريس وصفها، وهي أم محمد السادس الذي تجمعه بها أحاسيس مرهفة، وعلاقة تتجاوز الأمومة إلى علاقة عصية على الفهم، وجزء من معادلتها المعقدة، التأرجح بين شخصية داهية الحسن الثاني القاسية، وأم ولي العهد التي ولجت القصر وعمرها لا يتعدى الأربعة عشر ربيعا، فدخلت عالما ظل غارقا في التمثلات والإستيهامات والتخيلات من وحي ليالي ألف ليلة وليلة، فرغم غيابها الرسمي، أفرد محمد السادس في أحد حواراته التي تعد على رؤوس الأصابع حيزا مهما وهو يحن إليها: ”أنا  شديد الارتباط بوالدتي وشقيقي وشقيقاتي الثلاث.. أنا نفسي نصفي أمازيغي. وسيكون إذن من قبيل التنكر لجزء من ثقافتي وأصولي إن لم أفعل ذلك. أنا مع الأسف لا أتحدث بالأمازيغية لأنها لم تكن ضمن المقرر الدراسي الذي لقنته، ولكن بودي أن أتمكن من إيجاد الوقت الكافي لتعلمها. إن المغرب هو مزيج من الثقافات..”(حوار الملك في جريدة لوفيغارو الفرنسية سنة 2005) .
تعود تفاصيل الصفقة التي أعادت أم الملك إلى الواجهة وأدخلت اسمها إلى ردهات المحكمة إلى  العروض التي كانت قد تقدمت بها بعض الشركات لاقتناء عقار الـ”كدية”، بعد أن علم أصحابها عن طريق وسطاء محدودين برغبة الأميرة في بيع عقارها الواقع في منطقة استراتيجية بكليز، بما في ذلك الطلبان اللذان كان قد تقدم بهما المحجوب فهمي باسم شركة “سونيفما” وشركة “نيكوص إبن سينا”، بتاريخ 11 و13 يونيو 2008.
كان مقتني العقار على عجلة من أمره، ففي نفس اليوم الذي وٌقعت خلاله العقود في فاتح غشت 2008، باشر الموثق إجراءات التسجيل ليبادر إلى تقييد البيع بالمحافظة العقارية بمراكش المنارة، فلم كل هذه العجلة؟ هذا ما ستتضح خباياه في ما بعد.
لكن، ولأمر ما تعثرت عملية التحفيظ في مكتب حسن الفاطمي، محافظ مراكش، قبل أن تتعقد إجراءات البيع والشراء أكثر في عقار استثنائي ستهتز فيه الأسلاك الهاتفية الرابطة بين محافظ مراكش وديوان أم الملك.
“من العادي جدا أن يعطل المحافظ عملية تقييد عقار ”الكدية”، فحينما يتعلق الأمر بعقارات في ملك ”الشرفا”، جرت العادة أن يربط الاتصال بمنير الماجيدي، وأن ينتظر المحافظ الحصول على موافقة القصر”، كما يوضح لـ”الأيام” مصدر مطلع بوزارة الإسكان، لكن المبررات التي حملها هذا الجواب سرعان ما ستتهاوى أمام أول امتحان.
أوكلت أم الملك لأحد خدامها من رجال الأمن مهمة إبلاغ الرسالة إلى المحافظ كي يكف عن عرقلة إجراءات التحفيظ.
لكن، يبدو أن شيئا ما كان يقض مضجع المحافظ، ويحول دون طي ملف أرض”الكدية”، والدليل على ذلك أن فهمي، مشتري العقار، جدد الاتصال بديوان الأميرة لكي يبلغ وكيل أعمالها أن المحافظة لازالت ترفض القيام بالإجراءات اللازمة!
وكأن الملف خرج من يد مدير الكتابة الخاصة ودخل في دهليز متشعب المداخل والمخارج!
وفيما عملية الشد والجذب مستمرة بين ديوان الأميرة والمحافظ، ظهر معطى جديد، ألا وهو اتصال البنك بديوان الأميرة كي يبلغها أن عملية صرف الشيك مستحيلة، لأن رقم الحساب البنكي للمحجوب فهمي لا يتوفر على رصيد مالي كاف.
وكان يكفي أن يجدد ديوان الأميرة الاتصال بصاحب شركة “نيكوص إبن سينا” كي يبلغه رجل الأعمال البيضاوي أنه اضطر شخصيا أن يعطل عملية تسديد قيمة الأرض، بعد أن ووجه بالعراقيل في المحافظة العقارية، خشية أن تضيع منه الأرض وقيمتها في نفس الآن، دون أن يظفر بها..
mediouriوأخيرا، تبين حسب مصادر مطلعة أن المحافظ ربط الاتصال بالمديوري الذي كان قد بدأ عطلته الصيفية في “فونيز”، كرد فعل اعتبره طبيعيا بحكم الوضع الاعتباري الذي تخوله الأميرة للمديوري لكونه رجل أعمالها، قبل أن يتبين أنه -وبأمر من الأميرة حسب مصادر مقربة منها-تجاوز حدوده، وتصرف في ما لا يعنيه واتصل بالرقم الخطأ، وأن عليه أن يباشر عمله، طالما أن المشتري والموثق يحملان شهادة تثبت أن مؤونة الشيك متوفرة ومضمونة، وأن كل شيء من الناحية القانونية على أحسن ما يرام.
وأخيرا، وبتاريخ 5 غشت 2008 تم تحفيظ العقار، بعد أن دخلت الأميرة أم الملك شخصيا على الخط وحدثت المحافظ. ولم تمض إلا ساعات معدودة حتى فوجئت الأميرة بأن الشيك الذي تعذر في مرحلة سابقة صرفه لغياب المؤونة، يرفض نفس البنك صرفه لسببين: أولا لنقص في السيولة، وثانيا لعدم مطابقة التوقيع الذي يضمه الشيك لتوقيع رجل الأعمال البيضاوي فهمي!
فجأة، بدأ ذو البشرة البرونزية يراوغ، فهاتفه إما مشغول أو خارج التغطية، مثلما لم يظهر للموثق أثر، الشيء الذي قد يكون له مبرره في عز العطلة الصيفية (غشت 2008). لكن، ما انتقل من الفم إلى الأذن بين السماسرة في مراكش، يؤكد أن اختفاء المشتري والموثق أكبر من أن يكون مجرد عطلة، وأن العقار الذي لم تحصل الأميرة بعد على قيمته المالية معروض للبيع!
دخل منصف المديوري -حسب مصادر مطلعة-على الخط في نفس الوقت الذي ظهرت فيه ملامح أحد البرلمانيين في الواجهة، وكثر الحديث في عاصمة النخيل عن قطعة أرض دخلت سوق “الدلالة” وأصبح بعض تفاصيلها معلومة، بعد أن أرادتها أم الملك أن تبقى مكتومة، تماما كما جرت العادة أن تتم كل صفقات القصر.
ويبدو أن رسالة الأميرة وصلت إلى من يهمه الأمر صارمة غير منقوصة:”حنا عارفينك كتبيع الأرض، والمخزن ما كيرجعش في هدرتوا، كون راجل وعطي للشرفا فلوسهم”.
دخل الإماراتيون على الخط، وكاد الملف يتعقد أكثر، وقد يؤدي إلى أزمة ديبلوماسية كتلك التي أدت في قضية العقار الذي اقتنته شقيقة وزير العدل السابق محمد بوزوبع قيد حياته، إلى حرج كبير بين المغرب والجزائر، بعد أن تقدم جزائريون بشكاية يتهمون فيها أطرافاً متشابكة بالتزوير والنصب عليهم وسلبهم عقارهم، إلى درجة استدعت تدخل الجنرال السابق بلخير سفير الجزائر بالمملكة لدى محمد السادس!
ظل المحجوب فهمي يمني النفس التي طمعت بريع إعادة بيع البقعتين للإماراتيين، وبالتالي تغذية رصيده بقيمة البيع والإحتفاظ بالربح الناتج عن ذلك، لكن من الواضح أنه فشل في إيجاد مشتر للأرض يقنعه بالسعر الذي يحلم به (2500 درهم عوض 1500 درهم للمتر المربع)، لاسيما بعد أن تبين للإماراتيين بعد تحريات دقيقة أن العقار موضوع البيع يستحيل بناؤه، بالإعتماد على قرار كان قد وقعه الملك الراحل الحسن الثاني، وهذا معناه أن رجل الأعمال البيضاوي بات عاجزا عن توفير قيمة الشيك وأدائها لأم الملك، وغير قادر عن أداء قيمة رسوم التسجيل والتحفيظ، لأنه بكل بساطة لا يتوفر على سيولة مالية، لاسيما وأن رأسماله لا يتعدى المليار ونصف المليار! ). وإلى حدود الدقائق الأخيرة التي سبقت الشكاية التي وضعها محامي البلاط باسم أم الملك، ظل المحجوب فهمي مصرا على أنه مستعد لتسوية النزاع مع أرملة الملك الراحل بعد بيع العقار، وأنه في الحالات التي يتعذر عليه ذلك سيعمل على فسخ العقد المبرم بينه وبين الأميرة وإرجاع الأرض إليها!
وحينما زاد المحققون في ترجمة التعليمات الملكية لفك ألغاز النصب الذي تعرضت له أم الجالس على العرش، واستحكمت المديرية العامة للدراسات والمستندات في ملف له حساسيته لأميرة ظلت قبل وبعد وفاة الحسن الثاني خلف الظل، التمس رجل الأعمال البيضاوي في اللحظات الأولى بعد اعتقاله مهلة من الشرطة القضائية لتسوية الملف، وانصرمت الأربع وعشرون ساعة تلو الأخرى في إطار الحراسة النظرية من أجل تسوية النزاع، لكنه مرة أخرى عجز عن أداء ما بذمته لأم الملك وللدولة المغربية، والمقصود قيمة التسجيل والتحفيظ التي تضاعفت، على اعتبار أن عملية إلغاء عقد البيع وإعادة الأرض إلى الأميرة تستوجب بدورها أداء واجبات التسجيل والتحفيظ، وبعملية حسابية بسيطة، على رجل الأعمال البيضاوي أن يؤدي خمسة ملايير سنتيم عن عمليتين (عملية الشراء أولا ثم إلغاؤه ثانيا)، لم يجن منها أي ربح مادي!
   إن إرسال عروض باسم شركتين مختلفتين من أجل ظفر المحجوب فهمي بتفويت الصفقة وادعاؤه وقائع غير صحيحة، وإصداره شيكا بنكيا يحمل رقم (CUB 378991) باسمه، موقعا لفائدة أم الملك، مع العلم أنه يعي أنه عاجز عن تغطية قيمة المعاملة التجارية، كانت قرائن كافية لتوجه له تهمة النصب وإصدار شيك بدون رصيد.
080611morroco400لكن الأسلحة التي استعملها فهمي للدفاع عن نفسه، ستفتح مجهر التحقيق على نوافذ أوسع. إذ وجه رجل الأعمال البيضاوي أصابع الاتهام في رسالة ملغومة إلى وكيل أعمال أم الملك، في إشارة إلى أنه أوعز له بفكرة تحويل أرض الأميرة في إسمه، بغية إعادة بيع البقعتين لمشتر آخر وتسديد ثمن قيمة الشيك لاحقا لأم الملك، وفي نفس الآن الإستفادة من هامش ربح، كان من المتوقع أن يقتسمه ورجل الأعمال البيضاوي (انظر الإطار)، فمن يكون عبد الإله ولال؟
القضية معقدة، ويبدو أنه في المغرب لا يمكن فهم الكثير من الملفات والقضايا العالقة إلا بالعودة إلى شبكة العلاقات العائلية والمصاهراتية على الطريقة الواتربورية. كانت لخديجة، زوجة المديوري (قيد حياتها) التي أنجب معها كلا من منصف، عمر، أمينة، فاطم الزهراء وخالد، أم تزوجت من ثلاثة رجال، الأول أنجبت منه خديجة، والثاني لم يكن إلا أب المديوري، أما الثالث فهو والد زكرياء. وليس عبد الإله ولال إلا زوج ابنة زكرياء الذي شغل مناصب مهمة في القصر والذي تجمعه علاقة مصاهرة بالمديوري، بحكم أن أم زوجته كانت قد اقترنت في مرحلة سابقة بأب زكرياء، كما وضحنا سالفا. فهل يكون للمديوري ضلع في تقريب زوج ابنة زكرياء صهر والد زوجته خديجة من البلاط؟
”على العكس تماما، المديوري لم يكن لينظر بعين الرضى إلى اقتراب وكيل أعمال غيره من مشاريع أم الملك. الكاتبة الخاصة للشريفة لم تكن إلا أسماء أم زوجة زكرياء، وحماة وكيل أعمال الأميرة. ويبدو أن ابن أيت إيمور شعر بالإختناق وعائلة أخرى رديفة تبذل جهدا استثنائيا لنيل رضى أم محمد السادس، ومن الواضح جدا أن المديوري رئيس الأمن الخاص المتشعبة شبكة علاقاته، ما كان ليترك جزءا من المساحة التي يملأها لمنافس آخر غيره، خصوصا إذا كانت مصاهرات الأمس تجمع بينه وبين منافسيه الجدد في تسيير أعمال الشريفة عبر زوجته خديجة!”
والعبارات التي انطلقت كالسهام لمصدر مقرب من عائلة المديوري نفسه، فهل يكون التصارع بجانب أم الملك ودسائس البلاط وراء عملية النصب على أم وريث الحسن الثاني؟ أتكون شبكة آل المديوري قد تدخلت عند منتصف الصفقة عندما اتصل به المحافظ وهو في “فونيز”، لإجهاض الصفقة، كما تحاول بعض الجهات الدفع بذلك؟ وما الذي جعل منصف المديوري يدخل المزاد الذي فتحه المحجوب فهمي، بعد أن أصبح المالك الشرعي لأرض الكدية، كما تؤكد ذلك شهادة الملكية التي سلمت له من طرف محافظة مراكش المنارة؟ ومن أين للمديوري مبلغ واحد وثلاثين مليار سنتيم كي يتسلق “كدية” مراكش؟ أكان بدوره سيدخل في لعبة الشراء وإعادة البيع، من موقعه كابن رئيس الأمن السابق للحسن الثاني الذي راكم ثروة هائلة في استثماراته التي شملت الإتصالات والإستيراد والإبحار في الأنظمة المشفرة والمرموزة وفي المعدات والأشعة بهدف الاستعمال الأمني والصناعي، وطالت السينما والعقار والتعليم الخاص؟
يبدو وكأن رئيس الأمن الخاص للملك غير مطمئن لإمبراطوريته التي أقامها وهو يراكم الثروات على هامش مهمته بالبلاط ومصاهرته لجنرال المظليين سور الله عبر ابنه محمد والتقرب من أصهار حسني بنسليمان من خلال ابنته أمينة، وأنه يعرف أن أقوى المصاهرات قد لا تصمد أمام بعض من دروس التاريخ التي جرب فيها ما معنى أن يعزله من منصبه وريث الحسن الثاني قبل انصرام سنة على جلوسه على العرش (في 22 يونيو 2000)، وأن يطلب منه أن لا يغادر بيته في انتظار التعليمات، هو الذي كان يعتقد أن أسرار البلاط ستحصنه. ألم يعجز رجل الشاوية عن تحصين نفسه من تقلبات العهد الجديد، على الرغم من أنه كان أكثر خديمي الملك الراحل الأرضيين المحملين بأسرار الدولة؟!
لعل وراء كل سؤال عالق مهما كان بديهيا في قضية ”الكدية” التي حاول رجل الأعمال البيضاوي أن يتسلقها، أكثر من لغز، ووحده تحقيق معمق، لا يختبئ وراء الإستفهامات الأكثر حساسية، يمكنه أن يكشف عن حقيقة عملية النصب التي تعرضت لهاأم الملك

مرية مكريم

Publicité
Commentaires
A
a ba3do mano chwiya<br /> [maroc]
م
يريد الله ليذهب عنكم الرجس آل البيت ويطهركم تطهيرا
ا
لالطيفة ام المغاربة كاملين ولايحق لاي معتوه ان يتجرأ على انتهاك حرمة ام الشرفاء السيدة المصونة ام سيدنا الله ينصرو وام اسيادنا الامراء وسيداتنا الاميرات الجليلات .وللخائنين جزائهم الفقر والمرض ان شاء الله. <br /> <br /> <br /> الشريف الشابلي الادريسي العلمي مولاي ارشد
المغرب الملكي
Publicité
Newsletter
702 abonnés
Derniers commentaires
Publicité