كيــف يحمي المخـزن الاقتصادي مصالحـه
كلَّما دنَت شركة منافسة من الخطوط الحمراء التي تسطرها مؤسسات الهولدينغ، يتَدخل محيط القصر من قريب أو من بعيد للدفاع عن مصالحها بوسائل مشروعة وأخرى غير مشروعة، فمنذ أن اعتلى محمد السادس الملك قبل زهاء عشر سنوات تطورت مؤسسة “أونا”، التي تملك العائلة الملكية أغلب أسهم شركاتها، بشكل ملفت رغم الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي مرَّ منها المغرب. شركات “الملك” حطت رحالها في جميع المجالات من العقار والسياحة إلى التأمين والأبناك ومن الخدمات إلى المواد الأكثر استهلاكا كالزيت والسكر والحليب ومشتقاته... حضور مؤسسات الهولدينغ الملكي في مجالات حيوية ورغبة القائمين عليها وعلى رأسهم الكاتب الخاص للملك وأمين ماله منير الماجيدي في توسيع نفوذها وجعل شركات المجموعة الأكثر نجاحا في دوائر عملها، خَلَط السياسي وتدبير الشأن العام بالجانب الاقتصادي، فكيف يمكن لهذا الأخير (الاقتصاد) أن يستفيد من نفوذ السياسة وتكون أحد دعاماته الأساسية في حضوره وتقوية أرباحه وأرقام معاملاته. فقبل سنوات حولت “صافولا”، الشركة السعودية العاملة في مجال زيوت المائدة، مسار استثماراتها من المغرب إلى الجزائر، بعد أن دخلت في منافسة مع شركة ”لوسيور كريسطال” ذراع “أومنيوم شمال إفريقيا” المصنع للزيوت، بدأت بترخيص رسمي لـ”صافولا” مالت معه الكفة بعد سنوات من بداية العمل بالمنطقة الصناعية ببرشيد للوافدين من بلاد البترول ورغم أن النسبة المهمة من سوق زيت المائدة بقيت محتكرة من طرف المجموعة الاقتصادية الملكية، ارتأى أصدقاء الماجيدي الدخول في مواجهة ميدانية مع الشركة المنتجة لزيوت “عافية”، كانت أهمها منع تسويق منتوجات الشركة، التي بدأ نجاحها السريع يلفت الأنظار، في الأسواق الكبرى لـ”مرجان” التابعة لمجموعة “أونا”، قبل أن تُحَرك خيوط تحقيق بوزارة الشؤون الاقتصادية والعامة ضد الشركة بتهمة بيع منتوج بأقل من تكلفة إنتاجه. رست سفينة التحقيق، بعد شهور من السجال، في ميناء منافسي الشركة السعودية، كما هي عادة الأقوياء،ربحت شركة المجموعة الملكية رهان البقاء قوية كما كانت وكما هو مسطر لها مستعلمة في هذه المواجهة ونظيراتها "الياغورت والأسواق الكبرى..." سلاح البقاء للأقوى. فكلما اقتربت مؤسسة اقتصادية من دائرة نفوذ الهولدينغ الملكي إلا وتواجه بجميع الأسلحة الاقتصادية أو السياسية لتعود القهقرى وتترك مضمار السباق الاقتصادي مفتوحا في وجه شركات المجموعة الاقتصادية الأولي في المغرب، فبعد ما يقارب سبعين سنة من التواجد، استطاعت “أونا” التي ولجت بورصة الدارالبيضاء أواسط تسعينيات القرن الماضي، أن تشكل هالة أمام منافيسها وجدارا وحرزا منيعين لكل من يقترب منها