المعارك الداخلية للملك الراحل الحسن الثاني
الحسن الثاني شخصية فريدة، فمن ناحية يتم انتقاده على أساس ما عرفه عهده من هضم للحقوق وتمريغ لكرامة الإنسان في الوحل وقسوته الشديدة على كل من كان يجرؤ على مخالفته، ومن ناحية أخرى فهو يعد نموذج العبقرية والذكاء والحكمة.ملك من طينة خاصة يثير في الإنسان مشاعر متعددة ومتناقضة من الحب والكره وأحيانا اللامبالاة، بل إن أكبر دليل على هذا التناقض أن نفس الشعب الذي كان يثور ويقوم بانتفاضات منددة في العهد الحسني خرج إلى الشوارع شريدا يبكي كالأطفال يوم وفاته. ملك تمكن من نيل مرتبة الأب في نفوس المغاربة، فرغم قسوته أحبه الشعب ورغم خلافه مع خصومه تمكن من الاستحواذ على إعجابهم واحترامهم. وإلى حدود اليوم لم يقدم وصفا دقيقا لشخصية الملك العسيرة على الفهم. فهو الملك الممازح الذي كان يحب الضحك والنكات، وهو الملك الذي كان إذا غضب لم يسلم من شره أحد مهما كان.غضبات الحسن الثاني الكثيرة وفيها الصغيرة والكبيرة، والحديث عنها سبق تداوله ولكن ما نحاول تسليط الضوء عليه من خلال الموضوع هو بعض الأشخاص الذين أثاروا غضب الحسن الثاني والذين عوقبوا إما لأنهم أعلنوا مواقف تخالف الموقف الرسمي الذي يمثله ملك البلاد، أو لأنهم حاولوا إثارة الفوضى والبلبلة، وهو الأمر الذي لم يكن مقبولا من الملك الراحل الذي كان يسعى إلى جعل البلاد أشبه بقرية صغيرة لا يفوت ناظريه أصغر جزء فيها ويكون النظام والانصياع طابعها أما مثيرو حنق الحسن الثاني فهم الأشخاص الذين كانوا يجرؤون على إسداء النصح إليه أو كأقصى تقدير وعظه، وفي حادثة مشهورة سنة 1987 قام وزير الإعلام آنذاك، عبد الهادي بوطالب، باقتراح خلال المجلس الوزاري يقضي بأن ينوب الملك عن شعبه في أداء سنة ذبح أضحية العيد، الأمر لم يرق الملك الراحل فكان رده أنه بصفته أميرا للمؤمنين لا يقبل ألا تتم إقامة المغاربة للسنن والواجبات المفروضة على المسلمين، إلا أن ما حدث فيما بعد هو أن التلفزة المغربية بثت مسرحية لحمادي عمور يؤدي فيها دور زوج له أربع نساء ويحاول أن يقسم بينهن كبش العيد، اعتبر الملك أن وزيره بوطالب يحاول أن يوجه إليه رسالة من خلال المسرحية ويعيد مقترحه بطريقة أخرى،