Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
المغرب الملكي
22 juillet 2009

عشر سنوات من حُكم محمد السادس نحو مملكة أكثر إنسانية

m6karipic_0002عشر سنوات مرت على تولي الملك محمد السادس مهماته في المغرب خلفا لوالده الملك الحسن الثاني، رحمه الله. في عشر سنوات تغيّر المغرب في اتجاه ان يكون مملكة اكثر انسانية. انها رغبة الملك نفسه الذي يختصر بنفسه طبيعة التغيير الذي شهدته المملكة في عشر سنوات. سئل محمد السادس في بداية حكمه عن القدرة التي امتلكها والده على صعيد تكريس الدور المغربي على الصعيدين العربي والاقليمي ونجاحه في ذلك. كان جواب العاهل المغربي مباشرا وفي غاية الصراحة اذ قال:" لئن كان المرحوم قد رصّع اسم بلاده في الخرائط الدولية، فان هم خليفته ان يرصّع اسم المغرب في قلب كل مواطن مغربي".
من يزور المغرب في السنوات القليلة الماضية يكتشف ان المملكة صارت بالفعل اكثر انسانية. المواطن نفسه تغيّر في ظل التجربة الجديدة التي يخوضها البلد والتي تقوم على التطلع إلى المستقبل من زاوية تنطلق من هموم المواطن العادي وتنتهي عند هموم المغرب. تغيرت امور كثيرة في المغرب، بما في ذلك المدن المغربية التي صار القصر الملكي فيها اقل رهبة واكثر التصاقا بالناس العاديين. اكثر من ذلك، لم تعد هناك مدن ومناطق برمتها مهملة يمتنع الملك عن زيارتها، عن سابق تصور وتصميم. حتى الاشجار في مراكش صارت اكثر اخضرارا وصارت طرقاتها نظيفة فيما زحف العمران في اتجاه طنجة والقرى القريبة منها للتذكير بان المدن والمناطق كلها متساوية من ناحية الاهتمام والرعاية. أو ليست طنجة نقطة الانطلاق لجسر في اتجاه اوروبا؟ أليس البحر قبالة طنجة مجرد بحيرة صغيرة يطل عليها المغرب من جهة واوروبا من جهة أخرى؟ ان النفق الذي يربط المغرب باوروبا يتحول واقعاً بشكل تدريجي وسيكون طوله ثمانية وعشرين كيلومترا وسيمتد تحت البحر المتوسط. انه المستقبل، المستقبل الذي يتطلع اليه المغرب في اتجاه اوروبا وافريقيا.
يظل المستقبل التحدي الكبير الذي يواجه المغاربة الذين صاروا قادرين على طرح كل الاسئلة التي كانت في الماضي ممنوعة، بل من المحرمات. من بين الاسئلة ما معنى ان تكون هناك سياسة خارجية من دون مردود داخلي، اكان ذلك على صعيد ملف الصحراء المعقد أو في نطاق التعريف بمؤهلات الاستثمار أو في سياق تعزيز العلاقات المبنية على الثقة بالعالم الخارجي، هذا العالم الذي لديه وزنه في مجال التأثير في القرارات الدولية من كل الزوايا؟
يواجه المغرب مع مرور عشر سنوات على صعود محمد السادس إلى العرش، تحديات غير عادية. والسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح في سائر المدن والمناطق هل أعد نفسه للتحديات؟ الجواب يميل إلى كلمة نعم اكثر من ميله إلى السلبية، ذلك ان ما شهدته السنوات العشر الماضية يوحي بان هناك ميلاً واضحا إلى فتح كل الملفات ومعالجتها من دون اي نوع من العقد. الدليل الأول على ذلك، ان الملك يعترف بان الحرب التي يشنها هي حرب على الفقر. كان لا بد من الاعتراف بوجود الفقر اوّلاً تمهيداً لشن الحرب. الفقر في اساس كل المشاكل او لنقل معظمها. الفقر في اساس الارهاب. ولذلك، لم يكن رد محمد السادس على العمليات الانتحارية التي استهدفت الدار البيضاء في السادس عشر من ايار- مايو 2003 مقتصرا على المعالجة الامنية. على العكس من ذلك، كان مطلوبا في تلك المرحلة معالجة شاملة تأخذ في الاعتبار الظروف التي نشأ في ظلها الارهابيون الذين اعتدوا على مواطنين آمنين متذرعين بالاسلام، الدين الذي يدعو إلى التسامح والتعايش مع الآخر وليس رفضه. كان منطلق المعالجة الاعتراف بانه حيث يعشش الفقر، يمكن توقع تصرفات يائسة ومتعصبة من منطلق ان السياسة ليست ردود فعل على الظواهر أو الاحداث الكامنة في قلب معادلة الواقع فحسب، لكنها فوق ذلك كله استباق لما يمكن ان تؤول اليه الاوضاع في أي بلد.
تطور المغرب على مختلف الصعد إنطلاقا من استيعاب ان الفقر يختزل سائر المشاكل. كان مهما خوض الحرب على الفقر من زوايا عدة بغية خلق واقع سياسي جديد في البلد. ومن هذه الزوايا الاهتمام بالتعليم والمجتمع، خصوصاً بالمرأة، بما في ذلك نشر الوسطية، اي الاعتدال. المؤسف، ان الملك محمد السادس لم يستطع نقل التجربة الجديدة إلى سائر فئات المجتمع. لا تزال هناك مقاومة حقيقية للتغيير، خصوصاً في اوساط النخب السياسية التي ترفض الاعتراف بأن المملكة لم تعد مملكة الخوف والحذر والمعتقلات السرية، او تصديق ذلك، وان المغرب تغيّر تماماً مثلما تغيّر العالم. فالاحزاب التي عملت مع الحسن الثاني بقيت أسيرة الصراع السياسي الذي عاشه البلد في الستينات والسبعينات من القرن الماضي. لم تستوعب الأحزاب انه بدل الصراع السياسي، هناك الآن صراع ذو طابع اجتماعي عنوانه العام الحرب على الفقر والتخلف واستخدام الدين من أجل الاستيلاء على عقول الناس، او ارتكاب اعمال ارهابية لا علاقة لها بالاسلام من قريب او بعيد. هناك في المغرب مشروع واضح المعالم للإسلاميين وآخر لليبراليين وثالث للاشتراكيين... وهناك مشروع للملك يجمع بين مختلف هذه المشاريع.
سيكون عامل الوقت مهما بالنسبة إلى نجاح التجربة المغربية. النيات الطيبة موجودة والعمل الدؤوب متوافر ومعه العقل العصري الذي يسعى إلى التغيير والانتصار في الحرب على الفقر والتخلف. لكن الخوف، باعتراف الملك نفسه، ان الحرب على الفقر أشد قساوة في أحيان كثيرة من الحروب التي تخوضها الجيوش بأسلحتها الحديثة. المهم ان هناك إدراكا في المغرب لطبيعة التحديات المستقبلية بعيداً عن الشعارات الفارغة التي تظل في النهاية شعارات

خير الله خير الله عن جريدة المستقبل اللبنانية

Publicité
Commentaires
المغرب الملكي
Publicité
Newsletter
702 abonnés
Derniers commentaires
Publicité