الوجه الروحي لأمير المؤمنين الملك محمد السادس
وإنه لما قضى الله بوفاة أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين وإمام المسلمين في هذا البلد الأمين جلالة الملك الحسن بن محمد بن يوسف.وكما كانت بيعته الشرعية في أعناق المغاربة وكانت البيعة من الشرع. فإن أصحاب السمو الأمراء وعلماء الأمة وكبار رجالات الدولة ونواب الأمة ومستشاريها ورؤساء الأحزاب السياسية وكبار ضباط القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية الموقعين أسفله. يقدمون بيعتهم الشرعية لخلفه ووارث سره صاحب الجلالة والمهابة أمير المؤمنين سيدنا محمد بن الحسن بن محمد بن يوسف بن الحسن...»بهذه العبارات الواردة في نص البيعة، يكون أول احتكاك لمحمد السادس بالحكم ذو طبيعة دينية عوض أن يكون ذو طبيعة وضعية. فرغم أن الدستور الذي يؤطر العلاقة بين مختلف السلط ويحدد الاختصاص ينص في الفصل 19 أن الملك هو «أمير المؤمنين. وهو حامي حمى الدين.» فإن تنصيب محمد السادس خلفا لوالده المرحوم الحسن الثاني غرف من الحقل الديني وألبسه لبوس إمارة المؤمنين أولا أخيرا دون أن يشير نص البيعة إلى فصول الدستور.ولهذا لا يفاجئ المرء حينما يعلم أن أول نشاط يباشره محمد السادس، وهو يجلس على العرش، كان نشاطا دينيا بامتياز. ألا وهو رئاسته حفل البيعة عشية نفس اليوم الذي أسلم فيها المرحوم الحسن الثاني الروح لباريها (23 يوليوز 1999). هذه المسحة الدينية ستظل تلازم محمد السادس خلال الفترة المدروسة. إذ قام بـ 197 نشاطا دينيا يتوزع بين أداء الصلوات (الجمعة بالأساس) أمام العموم أو إحياء ليلة القدر أو ذكرى وفاة جده محمد الخامس ووالده الحسن الثاني بالضريح أو تدشين مساجد.
ومن مجموع هذه الأنشطة الدينية نجد ثمان ترددات للملك على الديار المقدسة حيث أدى مناسك العمرة ست مرات بتاريخ (25 دجنبر 1999 ، 26 دجنبر 1999 ، 3 فبراير 2002 ، 4 يونيو 2002 ، 25 يناير 2004 ، 8 دجنبر 2005 ) فيما زار قبر جده النبي محمد (ص) بالمدينة المنورة مرتين، الأولى بتاريخ 27 دجنبر 1999 والثانية بتاريخ 5 يونيو 2002 .
البعد الديني كان هو المتحكم في التنقلات الأولى لمحمد السادس خارج أرض الوطن، إذ أن أول دولة زارها، بصفته رئيس الدولة، كانت هي العربية السعودية، وهذه الزيارة الأولى لم تتحكم فيها الصداقات العائلية بين الأسرتين الحاكمتين في المغرب والسعودية بقدر ما تحكمت فيها الرغبة في أن يبصم محمد السادس طابعه كأمير المؤمنين بأداء الشعائر الدينية بالديار المقدسة.
وإذا أسقطنا الحفل الديني الذي ترأسه الملك بزرهون (3 شتنبر 1999) نظرا لكون هذه المدينة تعد مزارا لأي ملك علوي، نجد أن أغلب الأنشطة الدينية لمحمد السادس هي ظهوره في صلوات الجمعة (86 مرة صلى الجمعة) بعدة مدن أثناء تنقلاته الرسمية يليها رئاسته للحفلات الدينية بأضرحة (مثلا ضريح محمد الخامس بالرباط، مولاي علي الشريف بالريصاني، مولاي إدريس زرهون، الهادي بن عيسى بمكناس إلخ...) وذلك إحياء لذكرى وفاة الحسن الثاني ومحمد الخامس أو إحياء لذكرى عيد المولد النبوي أو ليلة القدر أو فقط لشكر الله مثلما حدث يوم 22 غشت 2000 حينما اصطحب محمد السادس معه كلا من أخيه مولاي رشيد وأخته للاحسناء إلى ضريح مولاي علي الشريف بالريصاني بإقليم الراشيدية لأداء صلاة الشكر لله.
أما باقي الأنشطة الدينية فتنوعت بين تعيينات في مناصب دينية (المجالس العلمية في 30 أبريل 2004) أو تدشين مساجد (مسجد النور بأزرو، مسجد محمد السادس بورزازات، مسجد الانبعات بسلا مسجد محمد السادس بالحسيمة، إلخ...) أو استقبال مسلمين وعلماء دول أخرى (مثلا رئيس البعثة الإسلامية بكوسوفو يوم 8 مارس 2000 السيد أرسلان مورادي أو علماء السنيغال لدى زيارة الملك لدكار يوم 8 ماي 2001 و2 يونيو 2004 أو يوسف جمعة خطيب المسجد الأقصى بفلسطين الذي استقبله بفاس يوم 13 مارس 2009 ليقدم له شكر الفلسطينيين على مواقف المغرب اتجاه غزة إلخ...) أو رئاسته للدروس الرمضانية. وتظل سنة 2007 هي المميزة طوال العشر سنوات من حكم الملك محمد السادس حيث شهدت 45 نشاطا، ولم يقتصر الأمر على المغرب بل تعداه إلى دكار حيث ترأس الملك محمد السادس يوم 16 يناير 2007حفلا دينيا ترحما على روح الخليفة العام للأسرة العمرية بالسنيغال، كما شهدت نفس السنة وضع الحجر الأساس لبناء المقر الجديد لدار الحديث الحسنية. أما في سنة 2009 وحتى شهر ماي فإنها تميزت بالتأكيد الملكي على ضرورة إدماج الخطاب الديني في صلب المشروع المجتمعي لتحقيق التنمية البشرية
إعداد اسبوعية الوطن الآن