Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
المغرب الملكي
7 juin 2010

لا تقتربوا من ملعب محمد السادس!

m6_karipic_o102في بداية ولايته الرئاسية صاح «فرانسوا ميتران» قائلا: «يتعين إرجاع اللوفر إلى تاريخ فرنسا»، في إشارة إلى «احتلال» وزارة المالية للجناح الفاخر بزنقة «ريفولي» المتضمنة لأجمل تراث نابليون الثالث، وهو الجناح الذي كان يستغله وزير المالية الفرنسي كمكتب حكومي. أطر وزارة المالية رفضوا مغادرة هذه التحفة» إلى البناية الجديدة للوزارة شرق باريس بدعوى أن هذا الشرق هو أرض الأوساخ والقاذورات وأرض المهمشين، إلا أن إصرار ميتران على قراره أدى إلى ميلاد تحفة فنية وعمرانية أخرى بشرق باريس تضاهي تحفة نابوليون الثالث، ألا وهي البناية الأنيقة لوزارة المالية التي صممها المهندسان بول شميتوف و بورجا هويدارو على شكل سفينة بالزجاج والإسمنت. ترحيل مقر وزارة المالية وتدشين تلك البناية الجميلة عام 1989 على ضفاف نهر السين عند قنطرة بيرسي (تضم 7 آلاف إطار) سيكون البداية العملية لما سيسمى في الأدبيات السوسيولوجية بـ «المصالحة مع الشرق الباريسي»، أي إنصاف هذا المجال المنسي مع رد الاعتبار له، وهو الإنصاف الذي جلب قصر الرياضات الذي تحول إلى فضاء رياضي واحتفالي وفرجوي زاد من وجاهته اتخاذ قرار إحداث المكتبة الوطنية عام 1988. هذا القرار الأخير حسم نهائيا مع سياسة احتقار شرق باريس الذي كان الاستثمار فيه، أي الشرق الباريسي، بمثابة مراهنة خاسرة، وأثمرت هذه السياسة عام 1991 إحداث أهم العمليات العمرانية بالعالم، ألا وهي تهيئة الضفة اليسرى لنهر السين الرامية إلى ضمان توازن بين شرق وغرب المدينة.و مثل هذا النقاش أو الهاجس لم يكن حاضرا في الدار البيضاء آنذاك بحكم أن العاصمة الاقتصادية للمغرب تم «اقتطاعها» من التراب الوطني في ذلك الوقت وتحولت إلى «مملكة» خاصة بوزير الداخلية القوي إدريس البصري ولـ«عملائه» يتصرف فيها كما يشاء دون حسيب أو رقيب، فتراكمت الآعطاب والاختلالات الكبرى (نقل كارثي، طرق متآكلة، بنية تحتية مهترئة، مرافق منعدمة، تمطط جيوب الفقر في شرق وشمال شرق الببيضاء، المشاريع مجمدة..إلخ) لكن مع إزاحة ادريس البصري من منصيه في نونبر 1999 استرجع المغاربة عاصمتهم الاقتصادية وبدأت المدينة تحظى بأعلى اهتمام، لدرجة أنه يمكن القول إنها أصبحت «شأنا ملكيا خاصا».
وبالنظر إلى خطورة الاحتقار الذي كان يعاني منه سكان الأحياء الهامشية بالدار البيضاء، كانت الساعة الملكية ـ أثناء زيارته للمدينة ـ تضبط دوما مع واقع هذه الأحياء في أفق تدارك ما ضاع ورد الاعتبار لحوالي 2.5 مليون نسمة لم يكونوا حاضرين في خريطة وأجندة مسؤولي المدينة أو الحكومة.
ومع وقوع أحداث 16 ماي الإرهابية عام 2003، ازاداد الوعي العمومي بأهمية رد الاعتبار للهوامش التي كانت مجرد مضخة لكل الأعطاب، ورفع الملك من إيقاع الزيارات لهذه المناطق (سيدي مومن، البرنوصي، الحي المحمدي، دار بوعزة، بنمسيك، بوسكورة، الهراويين.. إلخ) لخلخلة القناعة التي كانت سائدة لدى المسؤولين بأن هذه المناطق هي مجرد «ماكينة» للحصول على الأصوات الانتخابية فقط وليست مجالات هشة تستدعي الإنصاف والعدالة الترابية.
في ظل هذه الصحوة، اقتدى المغرب بما حدث في باريس، وتم إطلاق عملية «القطب الحضري لسيدي مومن» لرد الاعتبار لشرق وشمال شرق البيضاء. هذه العملية رصد لها ألف مليار سنتيم، منها 250 مليارا للملعب الكبير سيدي مومن و250 مليارا لإيواء 22 ألف عائلة بالصفيح بكاريانات السكويلة وطوما وزرابة وجردة علال، و140 مليارا لمعالجة الواد الحار لمصالحة المنطقة مع ساحلها الممتد من زناتة إلى المون، مرورا بالنحلة والسعادة. هذا دون احتساب الترامواي (640 مليار سنتيم) وأبراج فولفو وشق الطريق وسط زبالة ميريكان لربط شرق المدينة بغربها وفتح منتزه عمالة عين السبع في وجه السكان وتحويل موقع كاريان سنطرال إلى حديقة كبرى مع بناء مركب جامعي في زناتة وقرب مرجان عين السبع وتسطير مشروع طرقي ضخم (طريق 50 متر) الممتد من كاريان المزابيين إلى سيدي مومن مرورا بالسالمية والهراويين ومولاي رشيد.
معظم هذه الملفات قدمت للملك وباركها، بل وأعطى تعليمات لإنجازها داخل أجل محدد (2012 و2013) لإحداث قطيعة مع سياسة الماكياج التي كانت سائدة في عهد البصري، إذ رغم أن المهندس «بانسو» سطر مركبات إدارية عملاقة في ضواحي الدار البيضاء (عمالات: عين السبع الحي الحسني بنمسيك) كلفت كل واحدة ما يقارب 50 مليار سنتيم لتحويلها إلى مراكز حضرية فرعية ، إلا أن ارتباط بنائها آنذاك بالسياسات القمعية وبسنوات الرصاص جعل المخيال المجتمعي يلفظ هذه المجمعات الإدارية، وبالتالي فتحت شهية المغاربة في أكتوبر 2008 حينما قدمت للملك في الدار البيضاء وثيقة المخطط المديري للتهيئة الحضرية المتضمنة لعدة عمليات عمرانية كبري ومهيكلة، من بينها الملعب الكبير سيدي مومن.
نقول فتحت الشهية، لأن المواطن اعتقد أن الدولة لم تعد ترى في سكان شرق الدار البيضاء مجرد «أهالي» أو «مسوفجين»  و«أوباش» لا يصلحون سوى لضخ الزيت في محركات حوالي ألفي شركة موجودة بشرق المدينة، بل اعتقدوا أن الدولة تشهر مصالحتها مع هذا المجال وإنصاف 2.5 مليون نسمة، وهو الاعتقاد الذي ترسخ باختيار موقع هذه العمليات ليس بوجود «همزة عقارية» بالمنطقة بحكم أن البيضاء تتوفر على أمكنة أخرى مناسبة بإمكان الدولة شراءها، بل لوجود إرادة ملكية قوية تجلت في ترأسه شخصيا لمعظم هذه العمليات، والتعليمات المباشرة التي كان يصدرها (انظر الكرونولوجيا مثلا في الصفحة 10 وأيضا الخرائط المصاحبة التي عرضت على الملك).
لكن الأنباء التي تسربت حول عزم وزارتي الشباب والرياضة والتجهيز التخلي عن مشروع الملعب الكبير سيدي مومن واحتمال ترحيله إلى وجهة أخرى خلف رجة دماغية، بحكم أن هذا القرار إن تحقق سيضرب مصداقية السلطات العمومية في العمق، ليس لأن هذه السلطات وعدت المغاربة مرتين بإنجاز ملعب كبير (المرة الأولى في بوسكورة عام 2005 والمرة الثانية في سيدي مومن) دون أن تفي بوعدها فحسب، بل سينهض كحجة على أن روح إدريس البصري» عادت لتهيمن على تدبير أكبر مدينة بالمغرب، وهي الروح المتمحورة على الارتجال والسير بالمدينة بدون بوصلة وغياب تلك الأهداف المرجوة من كل تخطيط (أي التوازن بين شرق المدينة وغربها وتحقيق الإنصاف المجالي لتجفيف جيوب الإقصاء وإدماج المواطن في مدينته).
«الوطن الآن» اتصلت بأكثر من جهاز محليا ووطنيا لاستجلاء الحقيقة، لكن دون أن تظفر بموقف رسمي وعلني وواضح. صحيح كل طرف كان يقدم مبررات، بدعوى أن اختيار موقع سيدي مومن كان متسرعا أو أن سيدي مومن «عامر بالبشر» أوأن الأرض المقررة لإنجاز الملعب الكبير هي في الأصل هبة من المرحوم الحسن الثاني لا يتعين تحوير أهدافها، والهبة الملكية رصدت لإنجاز منتزه لم يتحقق منذ عام 1988! أو أن هناك مشاكل أمنية قد تفجر الوضع في حالة الإبقاء على الملعب الكبير بسيدي مومن أو أن هناك متغيرات حدثت بين 2008 و2010 تمثلت في تبني مشروع الربط السككي بين المحمدية وبرشيد مرورا بالهراويين، مما يستدعي ترحيل الملعب إلى هذه المنطقة أو لوجود «همزة عقارية» بتيط مليل تتجلى في حوالي 60 هكتارا مملوكة للعمران، لكن لم تسلمها لها بعد مديرية الأملاك المخزنية، وبالتالي سهولة حيازة هذا العقار بثمن أقل مما حدد لشرائه من طرف العمران، لأن وزارة الشباب ستبنى مرفقا بينما العمران ستبني تجزئات سكنية.
لكن كيفما كان التبرير، فإن الأمر يستدعي من عباس الفاسي الوزير الأول الخروج للعلن لتبديد المخاوف وإعلان جواب واحد أمام الرأي العام: هل تخلت الحكومة عما التزمت به أمام الملك أم لا؟ إن تخلت عن الملعب الكبير فما الداعي؟ وإن لم تتخل عنه فهل تم اختيار موقع أخر؟ وفي هذه الحالة ما هي الضمانة التي ستجعل المواطن يصدق أن الحكومة جادة في التزاماتها، خاصة مع وجود سابقتين سلبيتين في التنكر للالتزامات (بوسكورة وسيدي مومن؟) وإذا كان الأمر كذلك، ما هو المونطاج المالي لتمويل الملعب الكبير؟ وهل ستحترم السلطات ما وفت به حينما قالت بأن هذا المرفق سيدشن عام 2013 علما أننا في منتصف 2010؟
إلا أن ربط ملف الملعب الكبير لسيدي مومن بما حدث لمشروع محاربة التلوث بسواحل شرق الدار البيضاء من إقبار (انظر العدد 386) يؤكد أن النحس مازال يطارد شرق المدينة، وبأن السلطات لم تلتقط بعد رمزية اهتمام الملك بهذا المجال الذي أدى إهماله إلى تحويله إلى منبت للتطرف والإجرام والإرهاب

عن الوطن الآن

Publicité
Commentaires
المغرب الملكي
Publicité
Newsletter
702 abonnés
Derniers commentaires
Publicité