عندما قال الملك للمقرئ: "قرا شي بركة من القرآن لتنوير مجلسنا"
في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ المؤسسة البرلمانية، انقطع التيار الكهربائي فجأة، بعد هنينة من بدء الملك محمد السادس في إلقاء كلمته الافتتاحية يوم الجمعة الماضي، مخاطبا البرلمانيين، بمجلسي النواب والمستشارين.
وتوقف قلب العديد من المسؤولين من كبار الدولة، عسكريين ومدنيين، ومستشاري الملك وأعضاء الحكومة والبرلمانيين ورجال الأمن، وفي برهة أصبح الجو مكفهرا، إذ عم الظلام أرجاء القاعة الكبرى، لكن الأسئلة التي ظلت معلقة هي ماذا جرى؟ ولماذا جرى لحظة بدء الملك كلمته الافتتاحية، ولماذا لم ينقطع التيار الكهربائي قبل دخوله إلى قبة البرلمان؟ وماذا كان سيكون رد أي رئيس دولة في مثل هذا الموقف، حينما يعم الظلام فجأة البناية الرسمية؟ وهل كان رئيس الدولة سيبقى جالسا في مكانه؟ أسئلة وضعها العديد من الحاضرين تلك الساعة
لكن المفاجأة جاءت من الملك نفسه، فقد بقي جالسا في مقعده، وتوجه صوب المقرئ، بحركة يديه، ودعاه قائلا: «أيها المقرئ اقرا شي بركة من القرآن الكريم لتنوير مجلسنا المظلم»، فرجع المقرئ إلى مكانه، وقرأ الفاتحة ليتلو بعدها سورة البقرة، وأطلق برلمانيون تصفيقات متواصلة، وسار في ركبهم كل الحاضرين، الذين نظروا إلى الملك الذي قطع عليهم كل السيناريوهات التي خيمت على مخيلتهم.
انكمش الوزراء في مقاعدهم، ومن خلال حركات أيديهم وقسمات وجوههم، اتضح أنهم كانوا إما خائفين أو منزعجين، ولربما تلا عباس الفاسي، الوزير الأول، في قرارة نفسه، اللطيف، على هذه البداية غير المستحسنة.
ومرت دقائق وكأنها ساعات، لتشتغل كاشفات الضوء، الواحدة بعد الأخرى، باللون الأبيض والأخضر، الذي أضاف رونقا على جمالية النقوش الموجودة في قبة البرلمان، رغم إطلاقها أزيزا لم يفهم مصدره، وكأنها تعبر عن غضبها، من قلة الصيانة، حيث إن قاعة الجلسات الكبرى تحتاج إلى صيانة ميكروفونات الصوت العاطلة عن العمل وشاشتي التلفزيون المعلقتين في جدرانه يمينا وشمالا، وآلته الإلكترونية التي تحسب عدد المصوتين بنعم والممتنعين والمعارضين
۞ بقية الموضوع ۞