هل ' نُصح ' الملك فيه تجاوز لغير المسموح به؟
في الفترة الأخيرة ، بدأت بعض الصحف الوطنية عبر كتابها وكتاب الرأي تتطرق في شكل نصائح ، أو إيماءات ، أو إشارات لبعض نشاطات ملك البلاد ، والتي يراها البعض بعيون نقدية بناءة تخالف رأسا ما تراها عيون أخرى ، تفضل إما السكوت، أو تجنب القيل والقال، أو سكون الوضع على ما هو عليه.لأن بكل صراحة، من هو منتفع لا يريد حدوث أي تغيير قد يهدد مصالحه، ومن هو ضائع يريد تحقيق بعض التوازن ، واسترجاع بعض الحقوق . نصيحة الملك واجب على بطانته،من مستشارين، ووزراء، ونواب أمة، نواب الأمة هؤلاء الذين يمثلون السيادة ، لكن إذا أخل النواب بواجبهم ( نصح) الملك لما فيه خير الأمة، فمن حق أفراد الشعب القيام بذلك الواجب( النصح) عبر الوسائل القانونية المتاحة، من بينها الجرائد والصحف .وبالمناسبة فالمغفور له الحسن الثاني كان دائما يلتمس النصح من نواب الأمة وممن حوله من مستشارين ووزراء ، والذي تبث أن بعضهم كان لا ينقل الصورة كما هي لجلالته وقتها . يقول الحسن الثاني في افتتاح الدورة التشريعية الاولي98/99 :" اتوجه إليكم شفويا او كتابة عليكم أن تخلصوا لي من واجب النصيحة "الدين النصيحة قالوا لمن يارسول الله قال لله والرسول ولأئمة المسلمين وعامتهم". فمن حقوق الملك على رعيته "النصيحة والوفاء والصدق " كي يكون ملما بكل جديد إذا تجدد، وكي يكون مستمعا لنبضات الشارع، ومدركا هموم واهتمامات شعبه. فلنستمع لتلك المرأة الشجاعة التي خاطبت الملك الحسن الثاني وقتها بقولها:"أمولاي الحسن كيخصنا كل شيء" فذكر الملك النواب والمستشارين بما سمع في الجلسة الأولى لمجلس المستشارين سنة 1997و ابنه البار الملك محمد السادس ، لن يتخلف عن اتباع سنة الأجداد مع نوع من التجديد، ولا ريب فهو يستمع لنصح الناصحين، ويأخذ نقد الناقدين الأوفياء للوطن والدين بعين الإعتبار.وإن بعض المنتفعين هم يخافون على الملك اكثر مما يخاف الملك على نفسه . هناك من يكره أن يرى الملك يصافح أبناء الشعب ، هناك من لا يحب أن يتوافق الملك مع شعبه ، ويحاول دائما دق إسفين بينهما ليصفا له الجو، ويحلب كيف يشاء البقرة العمومية. هناك من يرى بأن الانتقادات في حق جلالة الملك ضرب من العصيان والهذيان، تشم منه رائحة المناورة ، في حين يرى موجهوا النقد بأنه ولاء للملك دون شروط ، وحب من الأعماق وإخلاص لا يأتيه الباطل لا من أمامه ولا من خلفه. والسؤال هل (نصح) الملك فيه تجاوز لغيرالمسموح به، وإخلال بالإحترام الواجب للملك؟ و يرى البعض بأن النصح الموجه لجلالته ، هو دعامة وقيمة مضافة لحكمه، فهو تعبير عن تحقيق حرية التعبير في الواقع وفي أعلى مستوى ، كما أن (النصح) على شكل انتقادات لأنشطة بعينها، هو دعوة لجلالته ليرفع يده وحصانته عن غيره ،وعن من هو دونه من أفراد شعبه وعلى كافة المستويات . ملك البلاد توجه له الانتقادات فيقبلها بصدر رحب ويعمل على تفادي كل ماراه شعبه أصبح متجاوزا. فكيف لا يقبل غيره من الوزراء والنواب والولاة وغيرهم هكذا نصائح ونقد بناء لما فيه خير الوطن ؟. من واجب المواطن أن يقول للأمين أنت أمين، وللسارق أنت سارق.وإلا لماذا هي وسائل الإعلام أصلا؟ أليست من أجل كشف النواقص، ومحارية الفواحش ما ظهر منها وما أخفي بفعلة فاعل؟. والله يقول سبحانه" ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض".إنما من الواجب أن تلبس الانتقادات حلة الاحترام وأسلوب التعظيم لملك البلاد خاصة. ويستهدف المرء النصيحة ويبتعد عن الفضيحة .
ملك البلاد ، بعيونه يستمع لنصح الوطنيين الحقيقين والصادقين ، ولا يرى في ذلك مانعا، هي فرصته لدعوة كل المغاربة بأن عصر الشفافية أطل، وعصر التستر ولى بلا رجعة " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره" . في كنف أن هناك قانون يمنع مس جلالته(مسا صريحا لا تأويلا)، وهناك قانون يتيح حرية التعبير ،لا حدود لها إلا حد القانون.
الحسن معتصم عن هيسبرس