إلى جلالة أمين لجنة القدس

تشرئب الأعناق، وتتطلع العيون، وتصيخ الآذان، في هذه الأيام الحزينة، إلى صاحب الجلالة والمهابة الملك محمد السادس ملك المغرب، ورئيس لجنة إنقاذ القدس، طلباً للنجدة من أجل استخلاص المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وكذلك سائر المقدسات الإسلامية في فلسطين من براثن الإسرائيليين.لقد ورث جلالته رئاسة هذه اللجنة من والده الكريم أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين، والحارس الأمين، للمذهب المالكي السني في كل حين، الملك الحسن الثاني، فأحسن القيام بأعبائها مقتدياً بسلفه العظيم في همّته العالية، وفي غيرته على الإسلام ورموزه وعلى المسلمين.إن أهل المشرق، وخاصة في فلسطين، يتطلعون بلهفة إلى إجراءات جلالتكم الحاسمة التي تُذهب الغمة عن الأمة، وتزيل عن الأقصى الخطر.نحن نتذكر في هذا المقام موقف جلالتكم المشرّف الحازم الفوري في وقت سابق قريب تجاه خطر مفاجئ (محتمل) نشأ من تحرّش إيراني بمملكة البحرين الشقيقة في حينه.ونتذكر أيضاً مثل هذا الموقف إزاء محاولة إيران بثّ مذهبها الشيعي بين المغاربة المالكيين السنيين المخلصين لمذهبم.لقد كان جلالتكم في الموقفين السبّاق بشجاعة إلى قطع علاقات بلادكم الدبلوماسية مع إيران كإنذار شديد اللهجة له ما بَعْدَه من عقابيل مؤذية، وآثار ضارة على الدولة الإيرانية.لم يكن موقع المغرب القصي مانعاً من تصدّر مليكه معارضي إيران من الرؤساء العرب، ولا حائلاً دون قيامه بواجبه الإسلامي ضد كل من يهدد استقلال أية دولة عربية في المشرق والمغرب غنية كانت أو فقيرة على حد سواء.إنه لمن المؤكد -بناء على هذا الالتزام الملكي الأخلاقي- أن يتخذ جلالتكم مثل هذا الموقف الحاسم الشجاع لو حصل إشكال مماثل بين دولتي جيبوتي وجزر القمر الإفريقيتين المسلمين الفقيرتين العضوتين في الجامعة العربية، انطلاقاً من موقف مغربي صحيح وصريح وثابت يقضي بعدم السماح بأي تدخل من أية دولة -ولا سيما إذا كانت غير عربية ولو كانت إسلامية- في الشؤون الداخلية لدولة عربية عضو في الجامعة العربية.إن الآمال معقودة كذلك (في معية جلالتكم) على مستشاركم الخاص الصادق المخلص في الديوان الملكي العامر السيد (اندريه أزولاي) فهو خير معين بفكره الراجح، وحسه الوطني، ونفوذه الراسخ على فعل ما لا يستطيع غيره فعله، وعلى القيام بالأعباء الجسام التي لا يقدر على القيام بها سواه.أرجو أن لا يسيء أحد بي الظن، فيزعم أن هذا المقال يدخل في بابي (التعريض) و(القدح بما يشبه المدح) المذمومين، وأنا بدوري أنفي الظن السيئ والزعم الموهوم) كليهما، وأقول (معاذ الله) أن أقصد ذلك أو أكون من الكاذبين، فهذان (كما لا يخفى على أهل البلاغة وأرباب البيان) أسلوبان معروفان مستحبان، وهما من أهم أبواب علم البديع الجميلة المستملحة شريطة أن يُفْهَما على ظاهرهما فحسب

عبد الكريم الاسعد عن جريدة السبيل الاردنية