الملك الحسن الثاني كان عازف أكورديون وضابط إيقاع بارعا
صرح الباحث والملحن والمؤلف الموسيقي صالح الشرقي لجريدة الشرق الاوسط ان الملك الحسن الثاني كان عازف أكورديون وضابط إيقاع بارعا و قال الملحن المغربي المعروف في حوار مع الجريدة اللندنية ان المغرب والعالم لم يخسر في الحسن الثاني، زعيما سياسيا محنكا، فحسب، ولكن خسرا فيه كذلك الإنسان المثقف والرجل المتذوق، والفنان الخلاق، والمسؤول المتفهم الذي لا يبخل أبدا بالتشجيع والمساندة لكل صاحب موهبة، أو صاحب مشروع أدبي أو فني كما كان ملكا يتفقد باستمرار أحوال الفنانين ويسال عن جديدهم، كما كان الملك الراحل يقدر الفنانين ويرعاهم صحيا واجتماعيا، كما كان ايضا فنانا يصغي باهتمام للشعر والموسيقى ومواكبا لتطورات الساحة الفنية المغربية وحكى الفنان صالح الشرقي ان الحسن الثاني ذات مرة، في إحدى المناسبات، نادى على الشاعر الغنائي فتح الله المغاري، وخاطبه قائلا: «أنت كاتب جيد للكلمات، فلماذا لا تتعامل مع الملحنين والمغنين، بدل أن تقوم بالتلحين والغناء لنفسك فقط؟ إن هذا التعاون الفني سيعطي كلماتك وقعا أكثر قوة في أذن المستمع».وقد بلغ من اهتمام الملك الراحل الحسن الثاني بالفن والفنانين، ان استقدم كبار الفنانين من المشرق العربي إلى المغرب، كالموسيقار محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وأم كلثوم، وفريد الأطرش، وفايزة أحمد، ليكون هناك نوع من التلاقح والتبادل والاحتكاك الفني بينهم وبين نظرائهم وزملائهم من الفنانين المغاربة.كما ان الحسن الثاني هو الذي اقترح على المطربة صباح أن تغني بصوتها الأغنية الشائعة «ما أنا إلا بشر»، لعبد الوهاب الدكالي، فحققت انتشارا واسعا، في ذلك الوقت على كل الألسنة.فقد كانت للحسن الثاني رؤية واضحة لدور الفن في التقارب بين الشعوب، والرفع من مستوى التحضر على جميع المستويات واضاف الملحن المغربي ان الملك الراحل الحسن الثاني كان عازف أكورديون وضابط إيقاع بارعا إلى حد كبير، وعندما يكون مزاجه رائقا، فإنه يمسك بآلة «الاكورديون» ويشرع في العزف عليها أمام أفراد الفرقة الموسيقية، ببراعة متناهية، تثير الإعجاب.كانت عنده أيضا، من الناحية الموسيقية أيضا، ميزة أخرى، يتصف بها، وهي إجادته التامة لضبط الإيقاع.وكم من مرة فاجأ الجوق، في بعض السهرات الموسيقية، باندماجه وسط المجموعات الغنائية الشعبية مثل عيساوة وكناوة وجيلالة، ثم يأخذ في النقر على آلة ضبط الإيقاع ولم ينسى الفنان المغربي ان يذكر أن الملك الراحل هو الذي طبع له كتابا بعنوان «المستظرف في قواعد الموسيقى المغربية» على حسابه الخاص و حكى الملحن المغربي ان دلك كان بعد أمسية موسيقية، كان الموسيقار محمد عبد الوهاب في ضيافته، حين اقترب من الملك الراحل، وعرض عليه فكرة إصدار الكتاب، ليوافق على الفور بعدما قال له الموسيقار محمد عبد الوهاب: «هذا الفنان يجب تشجيعه، لتعزيز المكتبة الموسيقية بمؤلفه الذي سيبقى مرجعا للباحثين والدارسين. ويا ريت لو نتوفر في مصر على أمثاله». كما دكر الفنان المغربي أن الملك الراحل الحسن الثاني هو من اختار له عدة أعمال شعرية، وطلب منه بحسه الموسيقي تلحينها، ومن بينها قصيدة «يا من يرى في الضمير ويسمع» للإمام الشطيبي، وكان معجبا بحمولتها الدينية والصوفية.كما سلمه أيضا بيده قصيدة «يا رسول الله خذ بيدي» لعبد القادر الجيلاني قصد صياغتها في قالب موسيقي
يدكر ان الفنان صالح الشرقي رغم كونه باحث وملحن ومؤلف موسيقي، فإنه اكتسب شهرته من إجادته التامة لعزف آلة القانون. فاسمه تنطبق عليه تماما، صفة «أشهر من نار على علم»، وحضوره بارز على الساحة الفنية المغربية،و يجر الفنان صالح الشرقي وراءه تاريخا موسيقيا كبيرا، حيث ساهم، لسنين طويلة، إلى جانب رفاقه القدامى في جوق الإذاعة والتلفزيون، في خلق الزمن الجميل للأغنية المغربية في لحظة التأسيس.و يكفي أن أم كلثوم غنت من ألحانه أغنية تحمل توقيعه وبصمته الموسيقية، وأن الموسيقار محمد عبد الوهاب أشاد به وبعبقريته في الموسيقى، وامتلاكه لناصية التأليف في حضرة الملك الراحل الحسن الثاني